شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
باب الصلاة من الإيمان
باب: الصلاة من الإيمان. وقول الله تعالى: رسم> وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ قرآن> رسم> يعني: صلاتكم عند البيت. وقال -رحمه الله- حدثنا عمرو بن خالد اسم> قال: حدثنا زهير اسم> قال: حدثنا أبو إسحاق اسم> عن البراء اسم> - رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- رسم> كان أول ما قدم المدينة اسم> نزل على أجداده، أو قال: أخواله من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس اسم> ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت اسم> وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم. فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل مكة اسم> ؛ فداروا كما هم قبل البيت اسم> وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس اسم> وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت اسم> أنكروا ذلك متن_ح> رسم>.
قال زهير اسم> حدثنا أبو إسحاق اسم> عن البراء اسم> في حديثه هذا: رسم> أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: رسم> وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ قرآن> رسم> متن_ح> رسم> .
الصلاة أيضا من الإيمان لأنها شعبة من شعب الإيمان. ويراد بذلك الصلاة كلها فرضا ونفلا؛ لأن الذي يحمل عليها هو الإيمان، ولأنها تزيد في الإيمان، ولأنها خصلة من خصال الإيمان؛ فالله تعالى جعلها من الإيمان.
ففي هذه القصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه لما كان بمكة اسم> كان يصلي إلى جنوب الكعبة اسم> ؛ فيجعل الكعبة اسم> .
... والكعبة اسم> قبلة أبينا إبراهيم اسم> فكان يجمع بينهما ولما انتقل إلى المدينة اسم> لم يتمكن من الجمع بينهما في استقبالهما لأن الكعبة اسم> تكون في جهة الجنوب بالنسبة إلى المدينة اسم> وبيت المقدس اسم> في جهة الشمال بالنسبة إلى المدينة اسم> فأُمر بأن يستقبل بيت المقدس اسم> أولا: لأنه قبلة الأنبياء؛ ورجاء أن يعرف ذلك اليهود فيدخلوا في الإسلام.
واستمر على استقبالها ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا بعدما نزل في المدينة اسم> وأعجب اليهود أنه استقبل قبلتهم وقبلة أنبيائهم؛ ولكن لم يتأثروا ولم يقبلوا ولم يدخلوا في الإسلام، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب أن يستقبل الكعبة اسم> يحب ذلك ويتمناه يحب أن يأمره الله باستقبال الكعبة اسم> فكان يقلب بصره ينتظر أن يؤمر بذلك.
ثم بعد هذه المدة أنزل الله عليه رسم> قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ قرآن> رسم> –يعني- من اليهود رسم> لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ قرآن> رسم> يعلمون أنها القبلة الصحيحة رسم> وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ قرآن> رسم> –يعني- لو أتيتهم بالآيات وبالبراهين ما تبعوا قبلتك وإذا كان كذلك فلا تتبع قبلتهم اتبع قبلة أبيك إبراهيم اسم> .
ذكر الله في هذه الآيات قصة بناء الكعبة اسم> بناء إبراهيم اسم> في قوله تعالى: رسم> وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ قرآن> رسم> إلى آخر الآيات وذكر فضل البيت اسم> في قوله تعالى: رسم> وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا قرآن> رسم> وذكر دعاء إبراهيم اسم> بقوله: رسم> رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا قرآن> رسم> ونحو ذلك؛ فكل ذلك مما حمله عليه السلام على أن يحب استقبال قبلة أبينا إبراهيم اسم> فصرفه الله –تعالى- بعد هذه المدة إلى الكعبة اسم> أمره بأن يستقبل الكعبة اسم> في هذه الآيات.
فلما استقبلها أنكر ذلك اليهود قالوا: رسم> مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قرآن> رسم> ما الذي حرفهم؟ ما الذي صرفهم؟ إن كانت القبلة الأولى قبلة صحيحة فلماذا تركوها؟ وإن لم تكن صحيحة فكيف تكون عبادتهم؟ وكيف تكون صلاتهم؟ يكونون في أول الأمر على غير هدى بل على ضلالة وتكون صلاتهم إليها ضائعة فأنزل الله تعالى رسم> وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ قرآن> رسم> كان بعضهم قد مات على القبلة الأولى فَشَكُّوا في أمرهم ماذا نقول فيهم وقد ماتوا على تلك القبلة؟ ما صلوا إلى القبلة التي هي القبلة الصحيحة فعند ذلك أنزل الله فيهم هذه الآية رسم> وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ قرآن> رسم> .
في هذه القصة أنه لما أنزلت عليه هذه الآيات استقبل القبلة قيل: إن أول صلاة استقبل القبلة فيها صلاة الفجر هذا هو الصحيح؛ ومع ذلك ما وصل الخبر إلى آخرين إلا صلاةَ العصر ما وصلهم الخبر؛ مر رجل على قوم يصلون إلى القبلة الأولى فأخبرهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بأن يستقبل مكة اسم> وكانت وجوههم إلى الشمال فاستداروا إلى الجنوب استداروا كما هم مشوا ومشى إمامهم إلى أن صاروا إلى القبلة التي هي الكعبة اسم> ورأوا أن هذا المشي لا يبطل الصلاة وذلك لأنه حرص على استقبال القبلة التي صرفوا عليها.
فالشاهد قول الله تعالى: رسم> وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ قرآن> رسم> فجعل صلاتهم الأولى من الإيمان فدل على أن جنس الصلاة من جنس الإيمان وأنها من الإيمان .
مسألة>