شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
42501 مشاهدة
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم

باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة لله ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم وقوله تعالى: إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ .
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن إسماعيل قال: حدثنا قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم .
حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول يوم مات المغيرة بن شعبة قام فحمد الله وأثنى عليه، وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن، ثم قال: استعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد فإني أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أبايعك على الإسلام. فشرط علي: والنصح لكل مسلم. فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل .


الدين النصيحة يعني: النصيحة هي إخلاص المودة، يقولون: نصح العسل. يعني: صفاه وخلصه من الشوائب، والمخلص هو الصافي، والناصح هو المخلص.
النصيحة لله تعالى هي الإيمان به وعبادته، والنصيحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- هي تصديقه واتباعه، والنصيحة لأئمة المسلمين يعني: ملوك الإسلام هي طاعتهم في غير معصية وذكر محاسنهم والاعتذار عن مساوئهم، والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم وتوجيههم وتعليمهم.
... تميم الداري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم وجاء البخاري بحديث جرير جرير بن عبد الله البجلي كان من أجلاء الصحابة، ذكر أنه أسلم متأخرا، يقول: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم النصيحة لكل المسلمين، لقنه ذلك حتى يكون مخلصا لكل مسلم، فالنصيحة من الإيمان.
وفي هذه القصة الرواية الثانية كان المغيرة بن شعبة أميرا على الكوفة في العراق فلما مات لا بد أنهم يحتاجون إلى أمير بدله، كان جرير عندهم وكان من الصحابة وكان من أسنهم وأفضلهم، فعند ذلك قام وصعد المنبر وخطبهم حمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له. أي: اتقوا الله تعالى واعبدوه وحده لا شريك له، وعليكم بالوقار الذي هو التواضع والتؤدة والتأني، وعليكم بالسكينة التي هي عدم التشويش وعدم الحركة وعدم الكلام الذي فيه ضرر، اسكنوا واحترموا إخوانكم حتى يأتيكم أمير بعد أميركم، حتى يُرسَل إليكم أمير، وكان الملك في ذلك الوقت هو معاوية الذي هو أمير المؤمنين.
يقول: فإنما يأتيكم الآن. يعني: إذا علم بأن أميركم مات فلا بد أنه يرسل إليكم أمير يتولى أموركم، فاسمعوا له وأطيعوا ولا تختلفوا، واصبروا واسكنوا حتى يأتيكم، ثم قال: استعفوا لأميركم الذي مات استعفوا له. يعني: اطلبوا له العفو من الله تعالى قولوا: اللهم اعف عنه فإنه كان يحب العفو، يعني: كأنه كان حليما يعفو عمن أساء إليه.
ثم ذكر جرير يقول: أما بعد: فإني أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أبايعك على الإسلام لما كان -عليه الصلاة والسلام- كلما جاءه من يبايعه شرط عليه شروطا كذا وكذا، يقول: فقال: شرط علي النصح لكل مسلم فالتزم جرير بالنصح لكل مسلم.
يقول: بايعته على ذلك، ثم حلف بقوله: ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل، فدل على أن النصيحة داخلة في مسمى الإيمان.
نكتفي بهذا والله أعلم وصلى الله على محمد .