شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
باب الزكاة من الإسلام
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الله –تعالى- خاطب هذه الأمة باسم الإيمان يناديهم بقوله: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قرآن> رسم> ويقول: ابن عباس اسم> -رضي الله عنه- وابن مسعود اسم> إذا سمعت الله –تعالى- يقول: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قرآن> رسم> فأرعها سمعك أو فأصغ لها سمعك فإنما هو خير تؤمر به أو شر تنهى عنه. من ذلك قوله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا قرآن> رسم> هذا تأديب من الله للمؤمنين؛ خص بذلك المؤمنين رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قرآن> رسم> .
ومن ذلك قوله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ قرآن> رسم> الخطاب لكل مؤمن كل المؤمنين المراد الذين عرفوا صحة نبوة النبي محمد اسم> -صلى الله عليه وسلم- وصدقوا ما جاء به ووحدوا الله التزموا بتوحيده ناداهم الله رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ قرآن> رسم> ومن ذلك قوله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ قرآن> رسم> الخطاب لكل المؤمنين المتقدمين والمتأخرين كل المؤمنين يقال لهم يا مؤمنون رسم> كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ قرآن> رسم> هذا يعمّ جميع المؤمنين.
ومن ذلك قوله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى قرآن> رسم> –يعني- فرض عليكم ... رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قرآن> رسم> الخطاب لكم أيها المؤمنون؛ وكذلك قوله: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً قرآن> رسم> أي ادخلوا في الإسلام الخطاب لكم أيها المؤمنون وهكذا مثل قوله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ قرآن> رسم> الخطاب لكم أيها المؤمنون أنفقوا وكذلك قوله: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا قرآن> رسم> وكذلك رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ قرآن> رسم> .
هذه آيات من سورة البقرة افتتحها الله بالخطاب للمؤمنين والآيات كثيرة في بقية السور يخاطب الله –تعالى- فيها المؤمنين يقول بعض العلماء: إن الخطابات في السور المكية جاءت بـ (يا أيها الناس) وذلك لأنها خطاب للناس جميعا وبـ (يا أيها الذين آمنوا) في السور المدنية لأنها خطاب لمن دخل في الإيمان لمن آمن من هذه الأمة ولا شك أن المؤمنين هم الذين يقبلون وهم الذين يلتزمون فيقال لهم: إنكم قد أمرتم بكذا وكذا فعليكم الامتثال إذا أمركم الله بأمر فافعلوه إذا كنتم مؤمنين؛ من المعلوم أنهم إذا كانوا مؤمنين فإنهم يلتزمون يقولون سمعنا وأطعنا سمعا وطاعة لكلام الله ولأمره وذلك لأنهم آمنوا إيمانا صادقا.
ولذلك أخبر الله عنهم قال تعالى: في آخر سورة البقرة: رسم> آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ قرآن> رسم> أي والمؤمنون آمنوا بما أنزل إليه من ربهم رسم> كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ قرآن> رسم> كلهم آمنوا بالله إلها وربا وخالقا ومعبودا يقولون آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنا برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآمنوا بالكتب المنزلة لأن فيها شرع الله فآمنوا بها واعتقدوا أنها من الله وأنه الذي شرعها وأنه الذي أمر بما فيها وأن ما فيها كله حق يجب قبوله.
وآمنوا باليوم الآخر واستعدوا له وآمنوا بالملائكة وصدقوا ما جاء عنهم من الصفات وآمنوا بالكتب المنزلة السابقة فكل ذلك داخل في قوله رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قرآن> رسم> يا أيها المؤمنون بالله؛ يا أيها المؤمنون بكتابه؛ يا أيها المؤمنون برسله؛ يا أيها المؤمنون بملائكته؛ يا أيها المؤمنون بالمعاد والبعث بعد الموت؛ افعلوا ما أمرناكم به؛ وقد ذكر الله –تعالى- خصال الإيمان فذكر منها خمسة في سورة البقرة في قوله تعالى: رسم> لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ قرآن> رسم> .
ذكر أربع خصال آمن بالله والملائكة والكتاب والنبيين فجعل هذا كله من خصال الإيمان رسم> وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قرآن> رسم> يعني البعث بعد الموت والملائكة يعني وآمن بالملائكة وآمن بالكتاب يعني جنس الكتب وآمن بالنبيين يعني بما أنزل على النبيين فهذه خمسة أركان من أركان الإيمان لا يتم إلا بها فمن آمن بها فإنه يكون من أهل السعادة ويكون مطيعا لله –تعالى- ومتبعا لما جاء عنه.
وأما من ترك أو جحد شيئا منها فليس بصادق الإيمان أو ليس بكامل الإيمان فمن جحد البعث بعد الموت فقد كفر وذلك لأن الله –تعالى- أكده في مواضع كثيرة وأقسم عليه في ثلاث آيات من القرآن الآية الأولى: في سورة يونس اسم> قال الله تعالى: رسم> وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ قرآن> رسم> أقسم بربه أي احلف لهم بربك أنه حق يعني أن البعث بعد الموت والجزاء على الأعمال حق وصدق لا خلف فيه هكذا أمره في هذه الآية بالحلف.
وفي سورة سبأ يقول الله تعالى: رسم> وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بلى وربي لَتَأْتِيَنَّكُمْ قرآن> رسم> أقسم بربه أن الساعة آتية كما قال الله تعالى لموسى اسم> رسم> إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا قرآن> رسم> الساعة يعني وقتها وقيامها فأخبر بأنها آتية وأمره بأن يحلف بربه لما قالوا رسم> لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بلى وربي لَتَأْتِيَنَّكُمْ قرآن> رسم> .
الموضع الثالث: في سورة التغابن رسم> زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ قرآن> رسم> أمره بأن يحلف بربه لما ذكروا أنهم لا يبعثون وأن من مات منهم فإنه لا يعود ولا يعود إلى الحياة فأمره بأن يحلف بربه رسم> قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ قرآن> رسم> فالإيمان بالبعث بعد الموت وباليوم الآخر أحد أركان الإيمان لا يتم إلا به ومن كذب بالبعث كفر وذلك لأنه كذب خبر الله حيث أخبر في آيات كثيرة بأنكم مبعوثون ومحاسبون بأعمالكم ومَجزيون بها إن خيرا فخير وإن شرا فشر كثيرا ما يرد قرن الإيمان بالله باليوم الآخر يقتصر على ركنين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر.
جاء ذلك في عدة أحاديث مثل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه؛ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره؛ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت متن_ح> رسم> اقتصر على ركنين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر ومثله قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج متن_ح> رسم> اقتصر على الإيمان بالله واليوم الآخر.
وقال -صلى الله عليه وسلم- رسم> لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم متن_ح> رسم> ذكَّرها بالإيمان بالله واليوم الآخر.
وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة يقتصر على الإيمان بالله واليوم الآخر؛ وذلك لأن الإيمان بالله يدخل فيه بقية أركان الإيمان؛ فيدخل فيه الإيمان بوحدانية الله –يعني- يدخل فيه الإيمان بأن الله –تعالى- واحد أحد؛ ويدخل فيه الإيمان بعبادته أي أنه المستحق للعبادة يؤمن بأنه هو المعبود وحده والمدعو والمرجو والمحبوب والمتوكل عليه وحده؛ ويدخل فيه الإيمان بأسمائه وصفاته وأن له الأسماء الحسنى والصفات العلا.
ويدخل فيه الإيمان بأحكامه بأنه الذي أمر ونهى والذي حكم وعدل؛ ويدخل فيه الإيمان بأمره ونهيه ووجوب امتثال الأمر وامتثال النهي فمن آمن بالله عبده وأطاع رسله واتبع شرعه واستعد للقائه وصدق بخبره وقبل كلامه وعمل بما فيه وأطاعه ولم يعصه؛ ومن آمن باليوم الآخر –يعني- صدق به تصديقا قويا فإنه يستعد للقائه يعمل للآخرة؛ يعمل لما بعد الموت لأنه صدق بأنه يعذب أو ينعم في قبره وصدق بأنه أيضا يُبعث بعد موته ولو تفرقت أشلاؤه ولو أكله الدود ولو أكله التراب ولو صار رميما يبعثه الله ويعيده حيا كما كان.
وصدق بيوم القيامة وأن الله يجمع فيه الأولين والآخرين وأنهم يجتمعون في ذلك اليوم كلهم يُسمعهم الداعي وينفذهم البصر؛ وصدق أيضا بأنه يجازي كل عامل بعمله فيجازي المحسنين بإحسانهم والمسيئين بما يستحقون كما قال الله تعالى: رسم> لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى قرآن> رسم> وصدق بأنه –تعالى- يدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار؛ وصدق بالنار وما فيها مما أخبر الله –تعالى- من العذاب الشديد كقوله تعالى: رسم> سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ قرآن> رسم> وفي قوله تعالى: رسم> كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا قرآن> رسم> وبما فيها من الشراب الحار شديد الحرارة قال تعالى: رسم> وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ قرآن> رسم> رسم> يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ قرآن> رسم> (المهل) هو دردي الزيت –يعني- حثالته وأنه شديد الحرارة رسم> يَشْوِي الْوُجُوهَ قرآن> رسم> إذا قربه إلى وجهه من شدة حره انشوى وجهه وإذا شربه يقطع أمعاءه.
كما في الآية الأخرى يقول الله تعالى: رسم> وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ قرآن> رسم> (حميما) –يعني- شديد الحر؛ وكذلك ما فيها مما ذكره الله في قوله: رسم> حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ قرآن> رسم> وصدق بالجنة وما فيها من النعيم الذي ذكره الله مثل قوله تعالى: رسم> فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قرآن> رسم> ومثل قوله تعالى: رسم> وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ قرآن> رسم> وقوله: رسم> يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ قرآن> رسم> صدق بذلك فإن هذا هو الذي يجب على المؤمن أن يصدق به كله ويكون هذا من الإيمان الذي هو ركيزة في القلوب.
فلذلك نقول إن المؤمنين حقا: هم الذين يقبلون كل ما جاءهم عن الله سبحانه –وتعالى- ويعملون به ولا يتركون شيئا من خصال الإيمان إلا عملوا بها؛ هذا هو الذي يجب على المؤمن؛ ولما كان كذلك اهتم علماء الأمة اهتموا بهذا الأمر الذي هو الإيمان وذلك لأن فيه ترسيخ العقيدة في القلب ومتى رسخت في القلب انبعثت في الجوارح وعمل الإنسان عمل بما أعطاه الله وبما أمره به؛ منهم الإمام البخاري اسم> -رحمه الله- فإنه اهتم بأمر الإيمان وقدمه في أول كتابه بعد المقدمة وذكر أن الأعمال من مسمى الإيمان فهو قال مثلا باب: قيام ليلة القدر من الإيمان وأورد فيه حديثا ثم قال باب: الجهاد من الإيمان وأورد فيه حديثا.
باب: قيام ليالي رمضان من الإيمان وأورد الدليل باب: صيام رمضان من الإيمان وأورد فيه حديثا؛ وكذلك بقية خصال الأعمال فيقول هنا باب: الزكاة من الإسلام –يعني- الإسلام خصلة من خصال الإيمان أو أن الإسلام والإيمان قد يترادفان إذا ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان؛ وإذا ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام؛ استدل هاهنا بقوله تعالى: رسم> وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ قرآن> رسم> جعل الزكاة من خصال الإيمان وجعلها من الإسلام وجعلها من الدين؛ وهو دليل على أن الدين يشمل بقية أركان الإسلام وأركان الإيمان وغيرها رسم> دِينُ الْقَيِّمَةِ قرآن> رسم> أي دين الملة القيمة؛ أو دين الحنيفية القيمة؛ منه عبادة الله مخلصين له الدين، (الإخلاص) هو التصفية –يعني- أن دينكم لله وحده خالصا وهو من الدين إقام الصلاة من الدين إيتاء الزكاة من الدين.
ثم يقول بعد ذلك: حدثنا إسماعيل اسم> وهو ابن أبي أويس اسم> قال: حدثني مالك بن أنس اسم> عن عمه أبي سهيل بن مالك اسم> ؛ مالك اسم> هو ابن أنس بن مالك الأصبحي اسم> ؛ روى هذا الحديث عن عمه أبي سهيل بن مالك اسم> عن أبيه مالك الأصبحي اسم> أنه سمع طلحة بن عبيد الله اسم> يقول: رسم> جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد اسم> ثائر الرأس متن_ح> رسم> –يعني- منتشر الرأس كأنه كان مكشوفا رأسه وكان رأسه شعثا فجاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
رسم> فلما أقبل وإذا له دوي يقول طلحة اسم> نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يسأل عن الإسلام يسأل عن خصلة من دينه وهو الإسلام. النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر له الصلاة فقال: خمس صلوات في اليوم والليلة فقال:هل عليَّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع؛ قال رسول الله: -صلى الله عليه وسلم- وصيام رمضان؛ قال: هل عليَّ غيره؟ قال لا إلا أن تطوع؛ وذكر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزكاة فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع متن_ح> رسم> ؛ ما ذكر طلحة اسم> في هذا إلا ثلاثا من أركان الإسلام الصلاة والزكاة والصيام وذلك لأن طلحة اسم> كأنه لم يفقه كلامه كاملا ولم يفقه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فذكر هذه بالمعنى رسم> فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق متن_ح> رسم> النبي -صلى الله عليه وسلم- فسر الإسلام في هذا الحديث بهذه الخصال الصلاة والزكاة والصوم والتزم ذلك الرجل أنه لا ينقص ولكن التزم بأنه لا يزيد؛ وليس المراد أنه لا يتطوع ولكن المراد أنه لا يضيف إليها غيرها ولا يجعل معها سواها فلا يبتدع بدعة الصلوات خمس فكأنه يقول ألتزم بالخمس ولا أجعلها ستا ولا سبعا؛ وكذلك ألتزم بالزكاة ولا أجعلها مغرما.
ألتزم بالصيام ولا أجعله أربعين يوما مثلا ولا أجعله في غير رمضان؛ ولكن لا يلزم أنه لا يتطوع لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبره بأن له أن يتطوع؛ له أن يزيد تطوعا فلا يلزم أنه لا يصلي النوافل ولا يصلي التهجد ولا يصلي الضحى بل يمكن أنه التزم بذلك كله التزم بالفرائض وبالتطوع.
ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> أفلح إن صدق متن_ح> رسم> –يعني- إذا التزم وأدى ما أمر به وتجنب ما نهي عنه فقد أفلح –يعني- فاز (والفلاح) هو الفوز؛ ففي هذا الحديث أن الإسلام تدخل فيه هذه الأركان؛ قد ثبت أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسره؛ فسر...
...من أخل بشيء منها فإنه يعتبر قد نقص من إيمانه، نقص شيئا من دينه، فعليه أن يحرص على تكملة ما عنده وما بقي له من أمر الدين.
مسألة>