شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان
قال رحمه الله تعالى:
باب: حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان.
حدثنا أبو اليمان اسم> قال: أخبرنا شعيب اسم> قال: حدثنا أبو الزناد اسم> عن الأعرج اسم> عن أبي هريرة اسم> رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رسم> فوالذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده متن_ح>
رسم>.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم اسم> قال: حدثنا ابن علية اسم> عن عبد العزيز بن صهيب اسم> عن أنس اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثنا آدم اسم> قال: حدثنا شعبة اسم> عن قتادة اسم> عن أنس اسم> قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
رسم> لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين متن_ح>
رسم> .
هذا أيضا من خصال الإيمان؛ محبة الله تعالى ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يكون مؤمنا كامل الإيمان إلا إذا قدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم على محبة النفس والمال وعلى محبة الولد والوالد والناس كلهم، وإلا فإنه ليس بصادق في إيمانه؛ بل إما أن يكون ضعيف الإيمان، أو يكون مختل الإيمان.
الإيمان الذي في القلب هو الذي تظهر آثاره على الجوارح؛ يكون منه المودة الصادقة للنبي محمد اسم> صلى الله عليه وسلم، وتقديم محبته على محبة غيره، وإذا قدمت محبته فإنك تطيعه، وكذلك إذا قدمت محبة الله فإنك تعبده، ولذلك من ادعى محبة الله ومحبة رسوله ولم يوافقه ولم يطعه فدعواه باطلة؛ أي: هو كذاب.
ذكروا أن اليهود ادعوا محبة الله، وأنهم أحباؤه؛ فأنزل الله قوله عنهم: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقد كثر كلام العلماء كما ذكرنا حول المحبة وعلاماتها، وذكروا أن محبة الله ومحبة رسوله مقدمة على محبة كل الخلق، وذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
... قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
لا شك أن الصحابة يقدمون محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنفسهم؛ ولأجل ذلك يفدونه، يفدونه بأنفسهم، لما أنه -صلى الله عليه وسلم- خطب في آخر حياته، وقال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك لما كان في القتال في غزوة بدر، وفي غزوة أحد، وفي الخندق، وفي الأحزاب، وفي حنين، كانوا يحمونه بأنفسهم، يفدونه بأنفسهم؛ حتى أنه كان مرة لما سعى المشركون في أثره ليقتلوه ومعه نحو عشرة من الأنصار، فقال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك أيضا فدوه بأموالهم، رخصت أموالهم عندهم؛ لما أنه طلب إنفاقها في الجهاد فلم يمسكوها.
وكذلك أيضا رخصت عندهم –أيضا- أنفسهم، وبلادهم، ونحو ذلك. لا شك أن هذا من آثار المحبة.
فيجب على المسلم تقديم محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على محبة كل شيء، وإذا رأيت الذي يعصي الله ورسوله؛ فإنك تعرف بذلك أنه ليس صادقا في محبته؛ بل إن دعواه ليست صحيحة، يقول بعضهم:
تعصـي الإله وأنت تزعـم حبـه | هـذا عجيب فـي الفعال بديــع |
لـو كـان حبك صادقـا لأطعتـه | إن المحـب لمـن يحـب مطيـع |
ثم من علامته –من علامة المحبة- ما ذكرنا من بغض المعاصي، لما سئل ذو النون المصري اسم> متى أحب ربي؟ فقال: إذا كان ما يبغضه أمرُّ عندك من الصبر. يعني: من علامات صدق المحبة: أن تبغض المعاصي؛ ولو كانت لذيذة في النفس؛ ولو كانت نافعة؛ ولو كانت شيقة؛ ولو كانت تلك المعاصي تميل إليها النفس كشرب الخمر –مثلا- والزنا، وسماع الغناء، وما أشبه ذلك. إذا علمت بأنها معاصي أبغضتها ونفرت منها؛ ولو كانت النفس تميل إليها، فتكون أمرَّ عندك من الصبر، فهذا علامة المحبة.
محبة الله تعالى ومحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا بد أن يقدمها المرء على محبة النفس، ومحبة الشهوات، ومحبة الملذات، ومحبة الأنفس، والأموال، والأولاد، والأهلين، والناس أجمعين.
ومن علاماتها: أن يحب من يحبهم الله، وأن يبغض من يبغضهم الله. فإذا كنت تحب الله أحببت أحباب الله.
في الحديث الذي أشرنا إليه يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك من علاماتها: بغض المعاصي، وبغض الكفر؛ ولهذا قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فالحاصل.. أن هذه الأبواب فيها كثير من خصال الإيمان يقرؤها المسلم، وعليه أن يحرص على أن يتمثل بها وأن يطبقها؛ ليكون صادقا في دعواه.
نقتصر على هذا. والله أعلم، وصلى الله على محمد اسم> .
مسألة>