شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
باب كفران العشير، وكفر دون كفر
باب: (كفران العشير، وكفر دون كفر). فيه أبو سعيد اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. حدثنا عبد الله بن مسلمة اسم> عن مالك اسم> عن زيد بن أسلم اسم> عن عطاء بن يسار اسم> عن ابن عباس اسم> قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط متن_ح> رسم> .
هكذا جاء كفران العشير فيه أحاديث، العشير: هو الزوج. ويدخل في هذا من كانت هذه صفته في كفران العشير وكفران الإحسان. (كفران الإحسان) هو أن الإنسان يكفر أو ينكر ما وصل إليه من الخير ويذكر الشر والسوء ونحو ذلك، من طبيعة كثير من النساء أنها إذا أحسن الإنسان إليها سكتت، فإذا ترك الإحسان يوما أو يومين أساءت الكلام، وأخذت تعدد وتقول: ما رأيت منك خيرا قط أنت البخيل وأنت الشحيح، فتنسى ذلك الخير الذي كان قد أعطاها، هذا كفران العشير وكفران الإحسان.
كثير من الناس يكفرون الإحسان، تحسن إليه دهرا طويلا وينسى ذلك، وإذا حصل منك زلة أو كلمة فإنه يرددها ويذكرها كثيرا ويقول: أنت الذي أسأت بكذا أنت الذي قلت كذا وكذا أنت الذي ضربت أنت الذي حبست أنت الذي ظلمت أنت الذي... وهكذا، مع أنك قد كنت تحسن إليه دهرا طويلا، فنسي ذلك كله فهذا ينافي الإسلام، يكون كأنه كفر إحسان والكفر ضد الإيمان، هذه من صفة هؤلاء الذين يكفرون الإحسان، إذا أبغضوا إنسانا أخذوا يتتبعون عثراته كما يقول بعض الشعراء:
صم إذا سمعوا خـيرا ذكـرت به | وإن ذكرت بسوء عنـدهم أذنـوا |
يعني: إذا سمعوا الخير فكأنهم صم لا يسمعونه، ولأجل ذلك لا يذكرونه ولا يفشونه وإذا ذكرت بسوء أصغوا آذانهم يفرحون .
إن يسمعوا سيئـا طاروا به فـرحا | عني وما سمعوا من صـالح دفنـوا |
ما يسمعون من صالح يدفنونه ولا يظهرونه، لا شك أن هذه صفة من يجحد الخير ومن يكفر الإحسان، فيدل على أن هذا من خصال الكفر، كما أن ضده من خصال الإسلام، الذي يعترف بالإحسان ويدعو لمن أحسن إليه ويقول: فلان جزاه الله خيرا أعطاني وأفادني بكذا وكذا فهذا من خصال الإيمان، والذي يجحد المعروف وينكره هذا فيه خصلة من خصال الكفر.
مسألة>