الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
62716 مشاهدة print word pdf
line-top
باب كفران العشير، وكفر دون كفر

باب: (كفران العشير، وكفر دون كفر). فيه أبو سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط .


هكذا جاء كفران العشير فيه أحاديث، العشير: هو الزوج. ويدخل في هذا من كانت هذه صفته في كفران العشير وكفران الإحسان. (كفران الإحسان) هو أن الإنسان يكفر أو ينكر ما وصل إليه من الخير ويذكر الشر والسوء ونحو ذلك، من طبيعة كثير من النساء أنها إذا أحسن الإنسان إليها سكتت، فإذا ترك الإحسان يوما أو يومين أساءت الكلام، وأخذت تعدد وتقول: ما رأيت منك خيرا قط أنت البخيل وأنت الشحيح، فتنسى ذلك الخير الذي كان قد أعطاها، هذا كفران العشير وكفران الإحسان.
كثير من الناس يكفرون الإحسان، تحسن إليه دهرا طويلا وينسى ذلك، وإذا حصل منك زلة أو كلمة فإنه يرددها ويذكرها كثيرا ويقول: أنت الذي أسأت بكذا أنت الذي قلت كذا وكذا أنت الذي ضربت أنت الذي حبست أنت الذي ظلمت أنت الذي... وهكذا، مع أنك قد كنت تحسن إليه دهرا طويلا، فنسي ذلك كله فهذا ينافي الإسلام، يكون كأنه كفر إحسان والكفر ضد الإيمان، هذه من صفة هؤلاء الذين يكفرون الإحسان، إذا أبغضوا إنسانا أخذوا يتتبعون عثراته كما يقول بعض الشعراء:
صم إذا سمعوا خـيرا ذكـرت به
وإن ذكرت بسوء عنـدهم أذنـوا

يعني: إذا سمعوا الخير فكأنهم صم لا يسمعونه، ولأجل ذلك لا يذكرونه ولا يفشونه وإذا ذكرت بسوء أصغوا آذانهم يفرحون .
إن يسمعوا سيئـا طاروا به فـرحا
عني وما سمعوا من صـالح دفنـوا

ما يسمعون من صالح يدفنونه ولا يظهرونه، لا شك أن هذه صفة من يجحد الخير ومن يكفر الإحسان، فيدل على أن هذا من خصال الكفر، كما أن ضده من خصال الإسلام، الذي يعترف بالإحسان ويدعو لمن أحسن إليه ويقول: فلان جزاه الله خيرا أعطاني وأفادني بكذا وكذا فهذا من خصال الإيمان، والذي يجحد المعروف وينكره هذا فيه خصلة من خصال الكفر.

line-bottom