إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
76115 مشاهدة print word pdf
line-top
باب اتباع الجنائز من الإيمان

ذكر بعد ذلك الباب الخامس والثلاثين اتباع الجنائز من الإيمان.
يقول: حدثنا أحمد بن عبد الله بن علي قال: حدثنا روح قال: حدثنا عوف عن الحسن ومحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليه ويفرغ من دفنها؛ فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط .
تابعه عثمان المؤذن قال: حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة .


اتباع الجنائز يعني تشييعها والسير معها إلى أن تدفن، وهو من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، أن المسلم عليه حق لإخوانه المسلمين، جاء في حقوق المسلمين قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلم على المسلم ست بالمعروف، تسلم عليه إذا لقيته، وتجيبه إذا دعاك، وتشمته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتتبع جنازته إذا مات، وتحب له ما تحب لنفسك .
وفي هذا الحديث أنه جعل هذه الخصلة من الإيمان، فيقول: من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا يعني اتبع جنازة أخيه المسلم، حمله على اتباعها: الإيمانُ والاحتسابُ. الإيمان بالله تعالى، يعني بخبره، أنه أمر بذلك ورغب فيه، واحتسابا يعني طلبا للأجر. هكذا جاء في روايات وفي خصال مثل قوله: من صام رمضان إيمانا واحتسابا من قام رمضان إيمانا واحتسابا من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا يعني جعل ذلك من الإيمان، جعل اتباع الجنائز من الإيمان؛ يعني أنه مؤمن بأنها عبادة، وفيها أجر، وله فيها رغبة في الخير، حمله على ذلك الإيمان والاحتساب؛ فله هذا الأجر.
ذكر أنه إذا تبعها حتى يصلى عليها فله قيراط، وسئل: ما هو القيراط؟ فقال: مثل جبل أحد ؛ يعني أجر كبير، مثل جبل أحد من الأجر، وأما إذا تبعها حتى تدفن ويفرغ من دفنها فله قيراطان، قيراط على الصلاة عليها، وقيراط على اتباعها وتشييعها إلى أن تدفن، ولا شك أن هذا أجر كبير وثواب عظيم إذا وفق الله تعالى العبد له.
لمَّا حدث أبو هريرة رضي الله عنه بهذا أنكره بعضهم، روي عن ابن عمر أنه استنكر ذلك وقال: أكثر علينا أبو هريرة ثم إنه أرسل إلى عائشة هل سمعت هذا من النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالت: نعم. يعني صدقته، وذكرت أنه قد حدث به، وأنه قد قاله، فابن عمر يقول: لقد فرطنا في قراريط كثيرة. يعني أنه لم يكن يتبعها دائما، فالتزم بعد ذلك أن يتبع كل جنازة إذا صُلي عليها إلى أن تدفن، فهذا دليل على اهتمام الصحابة -رضي الله عنهم- بالأعمال التي يكون فيها الأجر.

line-bottom