لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
طلب العلم وفضل العلماء
13819 مشاهدة
منزلة العالم

وللعالم الذي يحمل هذا العلم منزلة رفيعة قد بُينت في عدة مواضع: من ذلك أن حملة العلم شهداء الله -تعالى- الذين أشهدهم على وحدانيته، وقرنهم بنفسه وبملائكته، اقرءوا قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ فأشهد نفسه على أنه الواحد لا إله إلا هو، وأشهد معه ملائكته، وأشهد أولي العلم خاصة، ولم يستشهد بأولي الجهل، ولا أولي التجاهل، ولا شك أن هذا شرف لك أيها العالم، شرف لأولي العلم؛ حيث قرن الله -تعالى- شهادتهم بشهادة الملائكة، وما ذاك إلا أنهم هم الذين عرفوا حق الله على عباده، وعرفوا أيضا وحدانيته، وعرفوا الأدلة الدالة على ذلك، وعرفوا ما خلق الناس لأجله، فنطقوا بهذه الشهادة وأعلنوا العمل بها، ودعوا الناس إليها، فلا جرم أن أصبحوا من شهداء الله -تعالى- على وحدانيته، وكفى بذلك شرفا وفخرا.
ومن الأدلة على فضل أهل العلم أنهم أهل خشية الله الذين يخشونه، ولا يخشاه غيرهم، اقرءوا قول الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ سورة فاطر المعنى أن الخشية خاصة محصورة في أهل العلم دون غيرهم، أما أهل الجهل فلا تكون معهم الخشية المطلوبة المنجية من عذاب الله؛ ذلك لأن العالم يحمله علمه على مخافة الله، وعلى تقواه، وعلى التورع عمَّا حرمه، وعلى الإقدام على العبادة، وعلى التجاوب والتقبل لما جاءه عن ربه، وتحمله هذه المعرفة على شدة الخوف من الله دون غيره، وهذا ما جعل أهل العلم هم أهل خشية الله دون غيرهم.
والخشية عبادة من أنواع العبادات، بل هي من أجل العبادات. وقد ذكر الله أنها سبب لثواب عظيم وأجر كبير، ألا وهو دخول الجنة والنجاة من النار.
فقال -تعالى- في آخر سورة البينة: جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أي: هذا الثواب الجزيل كله لمن خشي ربه، أي: لأهل الخشية. ومن هم أهل الخشية؟ إنما يخشى الله من عباده العلماء، فأهل هذا الجزاء هم العلماء، هم الذين يحملهم علمهم على مخافة الله وعلى خشيته، وكفى بذلك ثوابا جزيلا.
كذلك كذب الله التسوية بينهم وبين غيرهم في قوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ وحذف الجواب لأنكم تعرفونه، والمعنى: لا يستوون، بل أهل العلم أفضل وأقدم وأرفع درجة وأكثر معرفة وأصوب عملا؛ حيث إنهم يعملون على بصيرة وبرهان، وأما الذين يعملون على جهل فأكثرهم أعمالهم مردودة، لا سيما إذا ظنوا أنهم على علم، وهم على جهل، وهو الجهل المركَّب، وقد يوصف بالجهل غير المركب وهو الجهل البسيط.