لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
مجموعة محاضرات ودروس عن رمضان
16203 مشاهدة
رمضان عند أهل الدنيا

بعد ذلك نأتي إلى القسم الثاني: وهم الذين يستقبلون رمضان بالاستعداد لأمور الدنيا، فنقول:
إن كثيرا من الناس يعتبرون رمضان موسما للأرباح الدنيوية، وموسما للتجارات، وموسما لتنمية الأموال، وموسما للمكاسب، فإذا أقبل رمضان رأيتهم يدخلون الأسواق، ويشترون ما يناسب الناس، رأيت أصحاب الدكاكين قد ملئوها من الأشياء التي يظنون أنها تروج في هذا الشهر، وأن لها أسواقا ملموسة، وليس ذلك خاصا بالمآكل ونحوها، بل يتخذون رمضان موسما لتنمية الأموال، فتجد أهل الدكاكين طوال ليلهم إلى الساعة الثالثة أو ما بعدها وهم مفتحة أبواب دكاكينهم طوال الليل، لا شك أنهم يأتيهم من يشتري منهم، وأنهم يربحون أموالا، فإذا أقبل رمضان جلبوا السلع التي يظنون أن لها روجانا.
فهؤلاء يستقبلون شهر رمضان بجعله موسما للأموال، وموسما للتجارات والأرباح الدنيوية، وموسما للمكاسب العاجلة الدنية، هكذا تشاهدون الكثير من الناس لا ينامون في رمضان إلا قليلا ..، ولو لم يأتهم من يشتري منهم لما وقفوا أو جلسوا في متاجرهم، لا شك أن هؤلاء ما جعلوه شهر عبادة، بل جعلوه شهر دنيا، كثير منهم يتركون صلاة التراويح، وربما يتركون النوافل، سنة الظهر مثلا البعدية، وسنة العشاء، وسنة المغرب، ويقتصرون على الفريضة إن صلوا مع الجماعة.
وإذا قيل لهم: لماذا تفرطون في قيام رمضان ؟ اعتذروا بأن هذا موسم، وأن الناس - إذا أغلقنا مثلا - يشترون من فلان وفلان، ونحن قد تعبنا، وجلبنا هذه السلع، ونذرنا، أو بذلنا فيها مالا، وإذا انتهى هذا الموسم ولم نبع ما اشتريناه كسدت عندنا، هكذا يتعللون، وكذلك: أصحاب الحرف، وأصحاب الورش، وأصحاب المؤسسات، وأصحاب التمويلات والأسواق، وما أشبهها، يستقبلون رمضان بجلب السلع التي يظنون أنها تناسب الناس، وأنها تروج عند كثير منهم، فهؤلاء لم يجعلوه شهر عبادة، بل جعلوه شهر عادات، أو شهر دنيا، أو نحو ذلك.
كذلك أيضا آخرون يستقبلونه بجعله شهر شهوات، شهر مآكل، ومشروبات، ومستلذات، وما أشبهها، ذكر بعضهم أنه اشترى أمة مملوكة - وكانت من الصالحات- فلما أقبل رمضان، قالوا: سوف ندخل الأسواق؛ لنتأهب لرمضان، نشتري أغراض رمضان، فقالت: لقد كنت عند قوم كل سنتهم رمضان، أو كل عامهم رمضان.
ما المراد بأغراض رمضان ؟ تسمعونها كثيرا: نريد أن نشتري أغراض رمضان، ندخل في الأسواق قبل رمضان بيوم، أو بيومين، أو بثلاثة أيام نشتري أغراض رمضان، إذا نظرنا وإذا هي مأكولات، وإذا هي مطاعم أطعمة يشترونها لأنفسهم، فيشترون مثلا: أنواع اللحوم.