عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
مجموعة محاضرات ودروس عن رمضان
15641 مشاهدة
هدي السلف في الصيام

أما هديهم في الصيام فهو أكمل هدي، وذلك لأن الصيام شُرِع لأجل ترويض النفس على ترك المعاصي، إذا صام الإنسان ترك المباحات من المآكل والمشارب ونحوها، فإذا عود نفسه ترك هذه المباحات التي تندفع إليها النفس علم بأن ترك المحرمات أولى بالاهتمام.
فكان السلف -رحمهم الله- إذا صاموا ولو تطوعا جلسوا في بيوتهم، لماذا؟ يقولون: نخشى أن يتلوث الصيام، نحب أن نحفظ صيامنا، نحفظه عما يفسده أو عما ينقص أجره، يجلسون في بيوتهم يحفظون صيامهم، في هذا حرصهم على الصيام ألا يخدشه ولا يبطله شيء، سمعوا الأدلة التي فيها أن الصيام ينقصه ويخرقه اللغو والرفث، في مثل قوله: ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم- من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه قول الزور يعني: الكلام الكاذب والسيئ، والعمل به يعني: العمل بالزور، والجهل يعني: الكلام الذي لا يصدر إلا عن جاهل.
وكذلك ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الصيام جنة أحدكم من المعاصي كجنته من القتال، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يفسق، فإن أحد سابه فليقل: إني امرؤ صائم يذكره بأن الصيام يمنعه عن مثل هذا الصخب واللغو والرفث وما أشبه ذلك، فكانوا يحفظون صيامهم، ولا يضيع عليهم وقتهم في قيل وقال، وفي لهو وسهو وما أشبه ذلك.