محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
أهمية العلم الشرعي ورفعة منزلته
وإذا عرفنا المراد بالعلم فنذكر كلمات في أهمية هذا العلم الشرعي، بعض الأدلة من الآيات والأحاديث وهي كثيرة، فمنها: أن الله تعالى فضل آدم اسم> -عليه السلام- بالعلم في قوله تعالى: رسم> وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا قرآن> رسم> لما علمه الأسماء كلها كان ذلك دليلا على فضله فأمر الملائكة فسجدوا له رسم> وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ قرآن> رسم> تفوق بهذا العلم الذي فتحه الله عليه والذي علمه إياه؛ فهذا دليل على فضل العلم.
كذلك استشهد الله بالعلماء قال تعالى: رسم> شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قرآن> رسم> ؛ عطف أولي العلم على الملائكة، ولم يذكر غيرهم؛ ما ذكر أحدا من أهل الأرض إلا أولي العلم لماذا؟ لأن أولي العلم هم الذين يعرفون ربهم، وهم الذين يعرفون توحيده، ويعرفون حقوقه، عرفوا ذلك بالأدلة فاستشهد الله تعالى بهم.
كذلك أخبر بعدم المساواة بينهم وبين غيرهم في قوله تعالى: رسم> قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ قرآن> رسم> ؛ الجواب: لا يستوون، لا سواء بين أولي العلم وبين أهل الجهل.
كذلك أخبر بأنه يرفع أهل العلم، ولم يذكر هذا الرفع لغيرهم إلا للصحابة أو للمؤمنين الأتقياء الذين يعملون به قال الله تعالى: رسم> إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ قرآن> رسم> .
يرفع الذين أوتوا العلم درجات، وهذه الدرجات تكون في الدنيا وتكون في الآخرة، فهذه الدرجات كونهم يكونون أئمة للأمة وقادتهم وقدوتهم، وكونهم لهم ذكر حسن ولسان صدق، وكونهم في الآخرة يرفعهم الله تعالى درجات في الجنة فهذه من فضائل العلم.
من فضائل العلماء أنهم أهل الخشية، قال الله تعالى: رسم> إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ قرآن> رسم> حقا إنهم هم الذين يخشون الله حق خشيته؛ بمعنى أنهم عرفوا جلال ربهم وكبرياءه، وعرفوا استحقاقه للعبادة فعظم قدر ربهم في قلوبهم فكانوا أهل الخشية حقا، الخشية هي شدة الخوف رسم> إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ قرآن> رسم> .
كذلك ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر فضل العلماء، ففي الحديث المشهور عن أبي الدرداء اسم> قال صلى الله عليه وسلم: رسم> من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة متن_ح> رسم> هذا فضل كبير، وهو عام فيمن سلك طريقا طويلا أو قصيرا.
ولقد اهتم الصحابة بطلب العلم وغيرهم عملا بهذا الحديث؛ فكان بعضهم يسافر مسيرة أشهر، سافر بعض الصحابة من المدينة اسم> إلى مصر اسم> مسيرة شهر ذهابا ومسيرة شهر إيابا لأجل حديث واحد.
كذلك سافر الإمام أحمد اسم> -رحمه الله- من العراق اسم> إلى صنعاء اليمن اسم> لأجل أن يأخذ عن شيخه عبد الرزاق اسم> قطع المسافة في شهرين ذهابا وفي شهرين رجوعا أو نحوها، كل ذلك حرصا على العمل بهذا الحديث أنه سلك طريقا يلتمس فيه علما.
كذلك كان بعضهم يغيب في طلب العلم عشر سنين أو عشرين وربما وصل إلى أربعين يغيبها في طلب العلم وفي التزود من العلوم، هذا دليل على ما فتح الله تعالى عليهم ورزقهم من الاهتمام بالعلم النافع والعمل الصالح.
في هذا الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: رسم> إن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر متن_ح> رسم> استغفارهم له لفضل ما تحمله ولفضل ما علمه، كما في حديث آخر: رسم> إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير متن_ح> رسم> صلاة الله: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، وصلاة الملائكة: الاستغفار؛ يستغفرون لمعلم الناس الخير، في هذا الحديث أيضا يقول: رسم> إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم متن_ح> رسم> أي: تتواضع له وضع الطير جناحه تواضعا، فأخبر بأن الملائكة تتواضع لطالب العلم رسم> رضا بما يصنع متن_ح> رسم> .
كذلك أخبر صلى الله عليه وسلم بأن: رسم> العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر متن_ح> رسم> .
ذكروا عن بعض الصحابة كأبي هريرة اسم> أو بعض المتأخرين رأى في المسجد عالما يعلم وحوله حلقة كبيرة، فمر على بعض الجهلة في السوق فقال: أتجلسون هاهنا وميراث النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم في المسجد، فلما جاءوا المسجد لم يجدوا فيه إلا حلقات علمية، فقال: هذا هو الميراث الحقيقي الذي من ورثه فهو من الرابحين.
مسألة>