لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
18824 مشاهدة print word pdf
line-top
نصائح عامة في الحث على طلب العلم ورفع الجهل

نلتقي بفضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين وفقه الله؛ الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيه خير الجزاء على تلبيته لدعوتنا لحضور هذه المحاضرة؛ والإجابة على أسئلتكم بما ينفع الجميع بإذن الله تعالى في الدين والدنيا.
سيقوم فضيلته مشكورا في البداية بإلقاء كلمة توجيهية، ثم بعد ذلك بإذن الله سيتولى الإجابة على الأسئلة؛ فليتفضل جزاه الله خيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نسأله سبحانه أن يفقهنا في الدين، نسأله سبحانه أن يرزقنا علما نافعا، وأن ينفعنا بما علمنا، ونعوذ بالله من علم لا ينفع ونفس لا تشبع، وقلب لا يخشع ودعاء لا يرفع، وبعد..
أيها الإخوة. لا شك أن التفقه في الدين واجب على المسلمين، وذلك لأن الله أخرج الإنسان إلى الدنيا وهو جاهل وأعطاه ما يتعلم به، وذكره بذلك فقال تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
فوفّق الله العباد لأنْ يتفقهوا، ويفهموا فجعل لهم الأسماع ليسمعوا، وجعل لهم الأبصار ليبصروا وليقرءوا، وجعل لهم القلوب ليفقهوا وليفهموا. فالسمع يحصل به إدراك الأصوات، وتلك الأصوات تصل إلى القلوب، والقلب يتأمل ويتفقه ويتفهم ويحصل به المعرفة والاسترشاد؛ فعلى هذا إذا أعمل الإنسان جوارحه هذه في الخير رزقه الله تعالى علما نافعا، وإذا فرط فيها وأضاعها بقي على جهله؛ فإذا كان استماعك دائما للمذاكرات وللمحاضرات وللندوات وللخطب وللفوائد وللدروس العلمية؛ مع تفقهك ومع تعقلك انقلب الجهل علما، وانقلب النقص كمالا، وأصبحت عالما فاهما.
وكذلك إذا رزقك الله تعلما للقراءة والكتابة فإن ذلك أيضا وسيلة إلى أن تقرأ وتكتب الفوائد، وتستمع ما يقال فتثبته وتكرره؛ تقرأه مرة بعد مرة، فيكون ذلك أيضا وسيلة إلى تزودك من العلم والتحصيل والتفقه والتفهم، ولا شك أن التعلم واجب على كل مسلم؛ حتى يعرف ما يعمل، وحتى يعمل على بصيرة وعلى برهان؛ فلو أن الإنسان اشتغل بدنياه بقي على جهالته.
إذا اشتغل الراعي مثلا برعيه وبدوابه ولم يتفهم ولم يتعلم، وإذا اشتغل الحراث بحرثه وبأشجاره وبثماره وباستثمارها ولم يصغِ إلى التعلم بقي جاهلا، وإذا اشتغل الصانع بصنعته؛ أيا كانت بحرفته التي يحترفها لدنياه، وانشغل عن الدين، وانشغل عن التعلم وصارت حرفته وصنعته وعمله الدنيوي هو فكره وديدنه، وهو المقصد الذي يقصده في هذه الحياة فإنه بلا شك سيبقى على جهله، ولا يتزود من العلم.
في زماننا هذا أو في دولتنا هذه، والحمد لله قد منّ الله علينا بوسائل التعلم؛ بما لم يكن يحصل لآبائنا وأجدادنا ومن خلا من قبل، ولم يكن يخطر بالبال.
فالحكومة -أيدها الله- فتحت المدارس للمبتدئين من حين السنة السادسة من العمر وهو يتعلم إلى أن يقطع المراحل التي يحصل بها على علم؛ فمن واصل التعلم وفقه الله وفهم، وأقبل عليه؛ تجاوز المراحل ووصل إلى المعرفة وإلى العلم، ومن قطع هذا التعلم وانشغل بالوظائف وانشغل بالحرف، وانشغل بجمع الدراهم وانشغل بالدنيا بقي على جهله؛ فهذه وسيلة من وسائل التعلم وهي هذه المدارس؛ ابتدائية ومتوسطة وثانوية وجامعية وتخصصا، ونحو ذلك.
كذلك أيضا وفق الله أيضا هذه الدولة لعمارة هذه المساجد بما لم يكن يخطر بالبال. ما كنا قبل خمسين سنة نشاهد هذه المساجد على هذه السعة وعلى هذه القوة، رتب في كل مسجد إمام يخطب كل جمعة بخطبة شيقة ويعلم المأمومين والحاضرين ما ينفعهم.
يسر الله أيضا هذه الكهرباء التي تنير لهم المساجد والطرق؛ يستطيعون أن يقرءوا، ويستطيعون أن يجلسوا، وهذه المكيفات والمراوح ونحوها حتى لا يملوا، لو كنا قبل خمسين سنة في هذا المسجد لم يجلس منا إلا القليل؛ وذلك لشدة الحر ولشدة الظلمة ونحو ذلك.
كذلك أيضا يسر الله تعالى هذه المكبرات التي توصل الأصوات إلى أقصى المسجد وإلى خارج المسجد، قبل ذلك ما كان الصوت يبلغ إلا عشرة أمتار أو ما أشبهها؛ فإذن، هذه من نعم الله -عز وجل- على العباد.
كذلك أيضا يسر الله هذه الكتب التي ما كانت تنتشر بهذه الكمية في الزمان الخالي؛ وُجدت هذه المطابع، ووجدت هذه الآلات التي.. آلات التصوير وما أشبهها؛ فأصبح نشر الكتب ونشر المسائل، ونشر الرسائل بسهولة، وأصبح في إمكان كل طالب علم أن يحصل على علم، أن يحصل على معرفة ما يريده وما يطلبه بأيسر وسيلة.
كذلك أيضا يسر الله تعالى هذه الهواتف؛ المكالمات الهاتفية، في إمكانك وأنت جالس في مجلسك أن ترفع السماعة وتتصل على العالم الفلاني وعلى الشيخ الفلاني، وتسأل عن حاجتك وتجد من يكلمك ويجيبك إن شاء الله؛ فهذا أيضا وسيلة من وسائل التعلم.
إذن فالذي يبقى على جهل يعتبر مفرطا، ولا عذر لك أن تبقى على جهلك. فينطبق حينئذ الحديث على الذي يبقى على جهله وهو متمكن، ويعاتب أيضا على مخالفته لما علم؛ وذلك لأن كثيرا من الذي درسوا وحصلوا وحملوا المؤهلات والشهادات العالية؛ ومع ذلك لم يتعلموا ولم يعلموا ولم يبينوا ولم يبلغوا.
لا شك أيضا أنهم حملوا أمانة كبيرة؛ ولكنهم فرطوا في أدائها؛ فنقول لهم: واجب عليكم بعد أن حملتم هذه الشهادات والمؤهلات أن تعملوا، وأن تطبقوا ولا تبقوا على الجهل، أو لا تبقوا على المعاصي وأنتم تعرفون وتعلمون.
وهكذا أيضا لا شك أن الذين يعملون على جهل أقل مسئولية من الذين يعلمون ولا يعملون؛ فإن الحجة عليهم أقوى. الذي يعلم ومع ذلك لا يعمل بعلمه الحجة عليه أقوى، وذنبه يعتبر أكبر. وكذلك المسئولية عليه كبيرة؛ حيث إن الله رزقه علما فلم يعمل به؛ بل واجب عليه أمر أكبر ألا وهو التبليغ والعمل؛ واجب عليه أن يبلغ ما تعلمه وأن يعلم من رآه جاهلا.
فأولا: الجاهل لا يبقى على جهله وهو يجد الوسائل التي تنوره، وتصيره عالما؛ ولذلك قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال أمرهم بأن يسألوا؛ حيث لم يعلموا وأخبر بأن العي الذي هو العي في الكلام شفاءه السؤال حتى يكون الإنسان فصيحا قائلا بالحق.
كذلك أيضا ما أخذ الله العهد على الجهال أن يتعلموا حتى أخذ العهد على العلماء أن يعلموا وأن يبينوا، فالعالم مطالب بأن يبين والجاهل مطالب بأن يتعلم حتى يرزقه الله، فلو بقي الجاهل على جهله لم يسأل لبقي في عمى لأن الجهل عمى؛ فسروا قول الله تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ الأعمى هو الجاهل، والبصير هو العالم وما يستوي الأعمى والبصير.
قيل لابن عباس بماذا حصلت على هذا العلم؟ فقال: بلسان سؤول وقلب عقول. هكذا كان ابن عباس -رضي الله عنه- لما أنه نشأ بين الصحابة عرف أن الصحابة سوف يموتون ويموت معهم علمهم؛ فحرص على أن يتعلمه قبل أن يموتوا هذا العالم عنده علم، وإذا مات مات بعلمه فلا بد أن نبحث عنه ونأخذ العلم الذي عنده حتى نحفظه، وحتى نكون مؤدين بعده.
فكان يأتي إلى الصحابي وهو في وقت القيلولة في شدة الحر نائم، فيقف ابن عباس وهو ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- على باب ذلك الصحابي تسفوا في وجهه الريح لشدة وهج الشمس، يصبر إلى أن يستيقظ للصلاة، فإذا خرج تعجب منه قال: ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم، ألا طلبت مني أن آتيك؟ فقال: العلم أولى أن يؤتى إليه، أنت عالم وأنا جاهل، أنا الذي آتي إليك لأن الحاجة لي.
هكذا نال العلم، رزقه الله علما جما؛ يعني فتح الله تعالى عليه، فكان من علماء الصحابة وإن لم يتحمل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنه تحمل عن أصحابه.
فلا بد أن يكون الإنسان مهتما بالتعلم، ولذلك يقول بعض السلف: كن عالما أو متعلما أو محبا أو مجالسا ولا تكن الخامس فتهلك، إذا لم تكن عالما ولا متعلما ولا مجالسا للعلماء ولا محبا لهم، بل كنت معرضا عن العلم وعن التعلم، ومبغضا للعلماء فإنك في طريقك إلى الهلاك، فلا تكن الخامس فتهلك.
ويقول بعضهم: الناس ثلاثة أقسام: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وسائر الناس همج رعاع يغلون الأسعار ويضيقون الديار.
فما ذكر إلا العالم الرباني، والمتعلم الذي على سبيل النجاة، وبقية الناس وصفهم بهذا؛ فالعالم والمتعلم كلاهما على سبيل النجاة، وهذا يؤكد لنا أنا مطالبون بأن نسأل وبأن نتفقه حتى نعبد ربنا على بصيرة، ونستمع الآن إلى الأسئلة.
أسئـلة
جزى الله فضيلة الشيخ خيرا على هذه الكلمة الضافية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها في ميزان حسناته وفي ميزان حسنات الجميع. نبدأ بالأسئلة؛ الأسئلة الحقيقة كثيرة جدا كما تلاحظون، فلعنا نختار أهم هذه الأسئلة؛ لأنه لا يمكن الوفاء بطرح جميع الأسئلة لكثرتها.
س: السائل الأول، يقول: فضيلة الشيخ أطرح سؤالي هذا، ويذكر فيه أنه كان مريضا في أول عمره وقد ذهب إلى كثير من المشعوذين والسحرة والكهنة منذ وقت طويل، ثم لما عرف أنهم لا يسرون ولا يضرون تاب إلى الله سبحانه وتعالى منذ أربع وعشرين سنة، واتجه إلى الله فهل عليه كفارة أو صدقة أو شيئا غير ذلك؟
التوبة تمحو الذنب إن شاء الله، فلا شك أنه أذنب بإتيانه للكهنة والسحرة وإنه قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ولكن إذا ذكر فتذكر ووعظ فاتعظ، وتاب إلى الله تعالى وامتنع عن الذهاب إليهم فيما بعد قَبِل الله تعالى توبته.
والمريض علاجه أنه إما أن يعالج مرضه بالعقاقير وعند الأطباء المعروفين، أو يعالج بالرقى الشرعية عند القراء الذين يستعملون القراءة الشرعية كالآيات والأحاديث والأدعية والأوراد والأدوية المباحة؛ في هذا شفاء بإذن الله، أولا: أن يكون القاري من أهل الإيمان ومن أهل التقوى.
وثانيا: أن يكون المريض من أهل الصلاح ومن أهل الاستقامة في العقيدة سليمة.
وثالثا: أن تكون الرقية بآيات قرآنية أو بأدعية نبوية أو بأدوية مباحة.
ورابعا: أن يعتقد جازما أن القرآن شفاء وأن فيه الشفاء النافع، ولا يتردد في ذلك فإذا حصلت هذه الشروط شُفي بإذن الله.
س: هذا السائل يسأل ويقول: إن هناك بدو رحل كلما نزلوا عند قبر أحد معارفهم يذبحون، وعذرهم في ذلك يقولون: إنا لم نذبح لهم وإنما فعلنا هذا ذكرى لهم فهل هذا من الشرك؟
نعم، حيث إنهم خصوا الذبح بأنه عند القبر فلو ذبحوا في أماكنهم، وقالوا: هذا أجره لفلان المتوفى؛ أي صدقة له لكان جائزا، وأما كونهم إنما يذبحوا إذا نزلوا على قبره -ولو قالوا إنه ذكرى- فإن ذلك داخل في الشرك؛ حيث إنه تعظيم لهذه البقعة التي فيها هذا القبر، فعليهم أن يتوبوا.
س: يقول السائل: لدي جيران مقصرون في أداء الصلاة مع الجماعة، فهل تبرأ الذمة بإعطائهم أشرطة أو كتب تأمرهم بالصلاة أم لا بد من تكليمهم مباشرة ؟
لا بد من تكليمهم مباشرة وتحذيرهم، ولا بد أيضا أن تجتمع أنت وإمام المسجد وجيران المسجد الذي حولهم على مكالمتهم ولو بالهاتف، وعلى نصحهم وتحذيرهم، ولا بد بعد ذلك إذا أصروا واستمروا من رفع أمرهم إلى المراكز؛ مراكز الهيئة الذين عندهم صلاحية في تأديبهم بما يردعهم.
س: هذه بعض الأسئلة المتعلقة بالبنوك الربوية فيقول السائل: هل يجوز إيداع الأموال لدى البنوك التي تتعامل بالربا مع عدم أخذ زيادة عليها ؟
وسؤاله الثاني: هل يجوز استخدام ما يسمى ببطاقة الفيزا ؟
وسؤاله الثالث: هل يجوز العمل بالبنوك الربوية ؟
إذا وجد مصارف إسلامية لم يجز الإيداع في البنوك الربوية، وإذا لم تكن المصارف كافية أو مؤمّنة جاز الإيداع في البنوك على أنها ودائع؛ بمعنى أنها شبه أمانات كالوديعة عند إنسان يأخذ منها متى احتاج ويزيدها متى توفر عنده شيء ولا يأكل ما يسمى بالفوائد، وإن كانت البنوك غير إسلامية، وكانت ممن يجعل عند الودائع أو للمودعين زيادات تسمى بالفوائد جاز أخذها من غير أكل؛ بأن يحيل عليها فقيرا مثلا أو صاحب مشروع يصرفها فيه.
إذا أودعت عنده مثلا مائة ألف وكان يوفر.. يزيدها كل سنة خمسة آلاف أو أربعة آلاف فهذه الزيادة إذا كتبتها لهذا الفقير وقلت: خذها فإني لا أخذها لأنها ربا، خذها أنت حتى لا يأكلها البنك فتكون ربا عليه بسببي ولا أكلها أنا؛ ففي ذلك رخصة عند بعض العلماء.
أما بطاقة فيزا فالأصل أنها عمل ربوي، قد صدرت فيها فتاوى من المشائخ على أنها لا تجوز، وأن العمل على ما كان الإنسان يعمل عليه قبلها هو الأصل والأفضل.
العمل في البنوك لا يجوز، بل الإنسان عليه أن يلتمس عملا ولو حرفة يدوية أو نحوها تغنيه عن العمل في البنوك؛ الذي يكون مساعدا لهم على أعمالهم الربوية.
س: يقول السائل: يوجد رجل متزوج وقد نصحته أن يغطي زوجته عن أقاربه الذين لم يحق لها الكشف أمامهم، وقد نصحته كثيرا ولم يسمع النصيحة فماذا عليّ أن أفعل ؟
عليك أن تكرر النصيحة، وعليك أن تخبر أيضا أهل الزوجة ليأخذوا على يده ولينصحوها أيضا، وعليك أيضا أن تحذر أقاربه الذين ليسوا محارم لهم أن لا ينظروا إليها، وأن لا يدخلوا إليها وهي كاشفة، وعليك أيضا أن تخبر من له سلطة من رجال الحسبة أو غيرهم ليأخذوا على يده؛ وذلك لأن التكشف أمام الرجال بلا شك الأجانب أنه حرام فعلى كل ولي أن يحرص على موليته بالتكشف والتستر عن الأجانب.
س: يقول السائل: لدي قطعة أرض عددتها للتجارة وقد قمت بتسويرها وبناء بعض المساكن بها، وقد قمت بتأجيرها للاستفادة منها علما بأنه علي ديون ولا أستفيد من إيجارها شيئا فهل عليها زكاة وكيف تكون ؟
الزكاة على الإيجار فإن توفر عندك الإيجار وتم السنة أخرجت الزكاة وإن صرفت الزكاة في وقته لوفاء دينك فلا زكاة عليك، فإذا أجرتها مثلا بعشرين ألف واستلمت العشرين، وبقيت عندك العشرون إلى تمام السنة، فأخرج زكاتها.
وأما إذا صرفت العشرين في حيينها وأعطيت الغريم هذا كذا وأعطيت الغريم هذا كذا وأخذها الغرماء منك، فلا زكاة عليك لأنك لست بغني الغني هو الذي يتوفر عنده المال طوال السنة.
س: يقول السائل: لقد كثرت في وقتنا هذا المسابقات حتى لا يكاد يخلو سوق إلا وفيه مسابقة، واختلف الناس في حكمها فأرجو من فضيلتكم التكرم بإعطائنا فتوى شرعية حول هذه المسابقات، وما هي الضوابط الشرعية للمسابقات ؟
يقصدون بهذه المسابقات أو بهذه الجوائز دعاية الناس إليهم؛ فأهل الأسواق مثلا يعلنون أن عندهم مسابقات وأن عندهم جوائز حتى يأتيهم شرق البلاد وغربها، وحتى يعرفوهم فيعرفوا أن في السوق الفلاني تاجر عنده كذا وتاجر عنده كذا فيأتون إليهم، وكذلك أهل المحطات مثلا يجعلون هذه المسابقات؛ حتى يأتي الناس إليهم من بعيد لأجل أن يربحوا من ورائهم.
وكذلك أهل الورش يجعلون هذه المسابقات حتى يأتي الناس إليهم من مكان بعيد، ويهجروا غيرهم. إذن، فما قصدوا بهذه المسابقات تثقيف المسلمين، ولا قصدوا فائدة المسلمين، ولكنهم قصدوا نفعهم، فإذا –مثلا- أخرجوا الجوائز التي قيمتها عشرون ألفا أو خمسون ألفا فإنهم يربحون مثلها عشر مرات أو أكثر؛ لأنهم إذا اشترطوا مثلا أن الإنسان إذا اشترى منا بمائة أعطيناه هذه البطاقة التي فيها سؤال ليحله، ثم اشترى الثاني بألف واشترى الثالث بألفين واشترى هذا بخمسمائة ربحوا في هذه المشتريات ألف ألف أو خمسمائة ألف أرباحا.
إذا جاء توزيع الجوائز وإذا قيمتها عشرة آلاف أو خمسة عشر ألفا، وإذا هم قد ربحوا أكثر وأكثر، فإذن، أنا أقول: إذا كنت مجاورا لهؤلاء وتشتري منهم بكل حال، ولا تذهب إلى غيرهم لكونهم أقرب إليك، واشتريت منهم وحللت الأسئلة مثلا وحصلت على جائزة فلا بأس؛ وذلك لأنهم قد سمحوا بها وطابت بها أنفسهم.
فأما أن تذهب مسيرة عشر كيلو أو عشرين كيلو إلى ذلك المكان الذي فيه مسابقة لتشتري منه وتترك الذين بجوارك فأنا أقول إن هذا لا يجوز ولا شك أنهم يضارون غيرهم؛ فالذين جعلوا هذه المسابقات قد يقبل الناس عليهم ويشترون منهم بأضعاف مضاعفة، والذين إلى جانبهم وبجوارهم لم يجعلوا مسابقات ولا جوائز يعرض الناس عليهم فيتضررون وتكسد سلعهم وتخسر تجارتهم، فيكون هؤلاء قد أضروا بهؤلاء فهذا وجه التحريم أنها مضارة وفي الحديث: لا ضرر ولا ضرار .
فعلى هذا إذا كنت مثلا أقرب إلى هذه المحطة التي عندها هذه الجوائز فلا بأس أن تأخذ الجائزة، أو أقرب إلى هذه الورش التي عندها جوائز فلا بأس، فأما أن تقصدهم لأجل الجوائز فإني لا أجيز ذلك.
س: يقول السائل: هل الدَّيْن عن طريق بعض الشركات شركات التقسيط فبعضهم إذا أردت مثلا شراء فيلا سكن، وأنا أعرف صاحب الفيلا ولا يوجد عندي ثمن شراء هذه الفيلا ومع التفاوض مع صاحب الفيلا وأقول له: سوف أحولها عن طريق الشركة، وتقوم الشركة بدفع القيمة حاضر ثم أقوم أنا بتسديد هذه القيمة بنظام التقسيط على دفعات، فما حكم هذا الأمر؟
يجوز ذلك بشرط أولا: أن الشركة تشتري الفيلا وتدفع الثمن، وتكون الفيلا بالشركة تدخل في ملكها، ويكتب أن صاحب الفيلا باعها على شركة، ثانيا: أنك بعدما تشتريها هذه الشركة لك الخيار فلا يلزمونك ولا يقولون: نحن اشتريناها من أجلك يلزمك أن تشتريها منا بالمؤجل، يقولون: لك الخيار نحن الآن قد ملكنا هذه الفيلا أو هذه الأرض مثلا بخمسمائة ألف، وسوف نبيعها بالأقساط بسبعمائة أو نحوها؛ فإن رغبتها فإننا سنكتبها عليك وإن لم ترغبها فاطلب غيرها ونطلب غيرك.
فإذا جاز ذلك فلا بأس، ولا يكون أيضا اتفاق على الثمن قبل شراء الفيلا أو شراء الأرض أو شراء السيارة أو الثلاجة أو نحوها، بل يقولون: سوف نشتريها ثم نتفق معك على قيمتها المؤجلة بعدما تدخل في ملكنا.
فإذا كان كذلك فلا بأس بها، أما الذين يلزمونك ويقولون: وقّع على أنك سوف تشتريها، نحن سوف نشتري السيارة على حسابك وندفع ثمنها فلا بد أنك تدفع لنا قبل الشراء وتعطينا مثلا وثيقة؛ يلزمونه بذلك فلا يجوز.
س: هذا السائل يسأل عن حكم تقسيط السيارات وهل يجوز أن يشتري سيارة شخص بالتقسيط، ثم أطلب منه أن يبيعها قبل أن يستلمها وقبل أن ينقل ملكيتها؟
السيارة مثل الأرض والفيلا، لكن السيارة قبضها بالنقل، وأما الأرض والفيلا فإنها لا تنتقل من مكانها، السيارة تنتقل من مكانها، فإذا طلبت من هذا الغني أو التاجر أن يشتري لك سيارة ويبيعك بالأقساط فإنه يذهب إلى المعرض ويدفع ثمنها، ويستلم مفاتيحها وينقلها من مكان إلى مكان، ولو من مظلة إلى مظلة ويقول: هذه السيارة دخلت في ملكي وأصبحت لي.
لو احترقت الآن لكانت من حظي، فأنا الآن أبيعكها بثمن مؤجل؛ اشتريتها بأربعين وأبيعكها مثلا بخمسين أقساطا، فإن رغبتها وإلا فلا إكراه عليك، ولو لم تنقل ملكيتها ولو كانت بأوراق الجمرك فقط لا بأس بذلك؛ لأن نقل الملكية ليس شرطا في التملك.
التملك يحصل بالتخلية كونهم خلوا بينك بينهم وأعطوك مفاتيحها ونقلتها من مكان إلى مكان، فإن رخصت فإنها من حظك وإن غليت فإنها من حظك وإن احترقت فإنها من حظك، فيجوز لك والحال هذه أن تبيعها ولو لم تنقل ملكيتها.
س: هذا سائل يقول أنا شاب ولله الحمد أؤدي الصلوات ولكن لدي مشكلة وهي الوسوسة، فأحيانا أقرأ الفاتحة مرتين وأحيانا أعيد التحيات مرتين وأنا على هذه الحال منذ سنة ونصف فما حكم صلاتي وهل تعتبر هذه الزيادة مبطلة لصلاتي?
يحدث هذا كثير مع شباب ومع غير شباب، تحدث هذه الوسوسة، ولا شك أنها من الشيطان حتى يثقل العبادة على العبد، إذا رأى الإنسان معه شيء من الحرص ومن التشدد أتاه من قِبَل الشدة، وشدد عليه؛ شدد عليه بعد القراءة فيشككه في أنه قرأ الفاتحة، أو يوسوس له أنه غلط فيه غلطا يغيرها ، أو يشككه بأنه ما نوى عند الطهارة، أو أنه قد نسي عضوا من أعضاء الطهارة حتى يعيده أربعا أو خمس مرات.
وكذلك يعيد الفاتحة مرارا إذا شك في أنه قرأها، فننصحك بأن لا تلتفت إلى هذه الوساوس فإنها من الشيطان الرجيم الذي يوسوس في صدور الناس، فاستعذ بالله من شره ولا تتمادى مع هذه الوساوس التي تثقل عليك العبادة، فأنت تحسن القراءة قد قرأت وعرفت وسمعت القرآن وسمعت الفاتحة مئات المرات، فلا إشكال عليك في أنك تقرأها، فإذا أتاك الشيطان وقال قد غلطت أو ما قرأتها فاعصِ الشيطان واستمر في قراءتك، وكمل الفاتحة ولا تكررها مرتين أو عشر مرات أو خمسة أيام أو شهر حتى ييأس الشيطان منك.
س: يقول السائل: هل يجوز خروج المرأة المحدة إلى المستشفى للعلاج أو إلى المحكمة لإنهاء بعض الإجراءات ؟
لا بأس في ذلك، الحادة التي توفي زوجها إنما نهيت عن الزينة عن أن تتبرج وتتزين وتتجمل وتلبس ثياب الجمال وتتطيب وما أشبه ذلك، فإذا احتاجت إلى أنها تذهب إلى المحكمة ذهبت وهي متحجبة ومحتشمة، وليس معها طيب ولا حلي ولا ثياب جمال، واعترفت عند القاضي وكتبت اعترافها ووقعت، ولا حرج عليها، أو احتاجت إلى دخول المستشفى فلا حرج عليها أيضا، ولو كشف الطبيب على شيء من جسدها للحاجة لا حرج في ذلك إن شاء الله.
س: إذا كان على الميت دَيْن وقام أحد أبناءه باقتراض مبلغ من المال لسداد دين أبيه فهل هذا جائز؟
جائز إن شاء الله؛ يحرصون على وفاء دينه إن كان له مال لأنه معلق بدينه، فإن لم يكن له مال ذهبوا إلى الغريم وقالوا: انقل الدين من ذمة الميت إلى ذمة الحي نحن نتحمل الدين في ذممنا، فإذا وافق الغريم وقال: أنا انقله إلى ذمة فلان أحد الورثة برأت ذمة الميت إن شاء الله.
س: ما حكم جعل الشيء سبيل لله بعد الموت مثل أن يقول الشخص وهو سليم معافى: أجعل هذا سبيل لله بعد موتي فقد سمعنا أنه لا يجوز إلا إذا أحس بالموت أو أنه مريض جدا، وهل يجوز أن يجعل له أولاده سبيل لله لأبيهم أو يجب أن يكون السبيل من نفس الذي يعود عليه السبيل؟
كل ذلك جائز إن شاء الله، ولعل كبار الأسنان هنا أدركوا أن أهل الثروة يسبلون، فكنا نعرف في هذه البلاد وفي غيرها أنهم يسبلون القرب للماء حتى يبرد فيها، والآن يسبلون البرادات ويكون أجرها للحي أو أجرها للميت، يجوز أن يسبلها وهو حي ويجوز أن يوصي بها، ويقول: إذا مت فأخرجوا هذه البرادة واجعلوها سبيلا لي أو لوالدي.
وكذلك أيضا يسبلون غير ذلك؛ كانوا يسبلون السرج التي للمساجد قبل وجود الأنوار، وكانوا يسبلون الطواحن الرحي التي يطحن فيها قبل وجود الطواحن الكهربائية، وكانوا يسبلون أيضا القدور التي يطبخ فيها قبل توفرها؛ حين لا يوجد إلا القدر عند فلان الذي يطبخ الناقة أو يطبخ الشاة أو الشاتين سبيل.
وكانوا يسبلون مثلا الأسلحة سلاح السيف مثلا للمجاهدين أو الرمح للمجاهدين أو الخيل للجهاد عليها أو ما أشبه ذلك؛ فيجوز والحال هذه تسبيل الأشياء التي فيها منفعة سواء في الحياة أو بعد الممات.
س: يقول السائل: أحيانا أمر في طريقي إلى المسجد بعد الأذان بمجموعة من العمال يعملون في البناء فهل علي أن آمرهم بالصلاة أم لهم الحق في العمل ما دامت الصلاة لم تقم بعد؟
عليك أن تأمرهم ذلك لأنه بعد الأذان يؤمرون بالتأهب، فلا بد أنهم يخلعوا مثلا ثياب العمل ولا بد أنهم يقضوا حوائجهم، ولا بد أنهم يتنظفوا ينظفوا مثلا ثيابهم ويتوضئوا للصلاة ويستعدوا لها.
فبعد الأذان عليهم أن يوقفوا الأعمال إلى آخر الصلاة، الصلاة لا تتجاوز مثلا نصف ساعة أو قريبا منها.
س: يقول السائل: رجل كان مبتلى بشرب الدخان وذات يوم قال: علي بالطلاق ثلاثا من زوجته ألا يعود لشربه ثم تركه خمس سنوات ثم عاد إليه بعد ذلك فما الحكم في ذلك؟
بلية الزمان ومصيبة هذا الأوان، البلية التي ابتلي بها الناس في هذه الأزمنة هو هذا الدخان والعياذ بالله، هذا الذي تركه خمس سنوات متتابعة أغواه الشيطان، فأعاده إليه بعد هذه المدة بعد أن صبر عنه هذه المدة ثم عاد إليه، لا شك أن هذا من الشيطان، لو تذكر أنه ضار مضر وأنه خسران مبين، وأنه محرم بالشرع لخبثه ونتنه وللأذى الذي يحصل منه على الجلساء ونحوهم؛ لعرف أنه حرام بكل جهة من الجهات.
فننصحه بأن يتوب مرة ثانية وألا يعود إليه، ولو أحس بالمرض ولو أحس بالصداع ولو أحس بالسآمة أو بالغشي أو بالخدر، وما أشبه ذلك. فإنه متى صبر عنه أياما متتابعة انقطعت شهوته إليه وسلم منه؛ وذلك لأنه فيه هذه المادة السامة التي تسمى نيكوتين، فإنها مادة سامة تختلط بالعروق وتختلط بالدم، ولا علاج لها إلا امتصاص هذا الدخان، فإذا امتصه خدرت أعضائه وأحس بأنه سلم وأنه عاد إلى صحته.
فقرر الأطباء أن هذه المادة سبب في أمراض كثيرة كما يعرف ذلك أهل التخصص، وكثير من الأطباء الذين شربوه خمسين سنة أو أربعين سنة أقلعوا عنه، وتابوا توبة تامة، وسلمهم الله وعاشوا عيشة طيبة، فعليه أن يقلع عنه.
أما طلاقه الذي طلقه؛ فحيث إنه لم يعزم على الطلاق، وإنما يريد منع نفسه من هذا المرض الفتاك، فإنا نتساهل معه ونجعل عليه كفارة يمين إطعام عشرة مساكين، وننصحه بألا يستعمل الطلاق، فإنه يترتب عليه حل وحرمة.
س: هذه سائلة تسأل وتقول: منذ بضع سنوات كانت طفلة لها تبلغ من العمر سنة ونصف وكانت ترضعها، ثم وضعت الطفلة على الأرض وذهبت لقضاء بعض الأعمال المنزلية، فذهبت الطفلة إلى دافور كانت تضع عليه الغداء لأطفالها فسقط القدر على الطفلة وأحرقها بعد أن عبثت به، ثم نقلت إلى المستشفى وظلت فيه ثلاثة أيام ثم أخرجها أبوها من المستشفى، والطبيب قد منع ذلك وقال: أنتم تتحملون المسؤولية وبعد ذلك ماتت الطفلة بعد خروجها من المستشفى. السؤال هل تصوم هذه المرأة شهرين متتابعين بسبب إهمالها للطفلة أم يصوم والدها الذي أخرجها من المستشفى والطبيب كان قد حذره من ذلك ؟
نرى أن الصيام عليها؛ وذلك لأنها تركت هذا القدر الذي يطبخ على هذا الدافور أمام الأطفال؛ معروف أن الأطفال لا يميزون ولا يعرفون الضار من النافع، ولا يفرقون بين التمر والجمر، فإهمالها لها وتركها أمام هذا القدر حتى عبثت به وسقط عنها، هي السبب في موت الطفلة، فالصيام على الأم، أما الأب فإنه مجتهد إما أنه ظن أنه لا يفيد العلاج، وإما أنه ظن أنها تبرأ بإذن الله وأخطاء في ظنه.
س: يقول السائل: أنه أصيب والده بجلطة في شهر رمضان الماضي في المخ، وبعدها فقد الوعي لمدة ثلاثة أشهر ولما عاد إليه الوعي كان لا يدرك شيئا مما حوله، فلا يدرك الصلاة ولا الصيام ولا نحو ذلك، فما الحكم، هل عليه فدية في تركه للصيام أم لا ؟
نعم، عليه أن يتصدق عنه؛ عن كل يوم نصف صاع من البر أو من الأرز، إذا أفطر الشهر كله خمسة عشر صاع، وإلا فبقدر ما أفطر عن كل يوم نصف صاع.
س: يقول السائل: ذهبت إلى مكة لأداء مناسك العمرة وبعد الانتهاء من الطواف والسعي ذهبت إلى السكن، وقامت زوجتي وألبست الطفل ثوبه قبل أن أحلقه، فما الحكم مع أنها تعلم أنه يجب التقصير أو الحلق ؟
لا بد من فدية؛ وهي إطعام ستة مساكين لمساكين الحرم؛ ثلاثة آصع من البر أو الأرز يتصدق بها في مكة حيث إنها كانت عارفة، أما إن كانت جاهلة فلا حرج عليها ولا إثم.
س: يقول السائل: أتيت للمسجد لأداء صلاة المغرب والإمام في الركعة الأخيرة وبدون شعور مني إلا وأنا راكع قبل الإمام وعندما هممت بالرفع لمتابعة الإمام إذا بالإمام يركع فما الحكم في هذه الحالة؟
كان الأولى بك أن ترفع ثم تركع بعده حتى لا تسبقه؛ لأن سبق الإمام يبطل الصلاة ولكن حيث إنك لم تشعر يتسامح عن ذلك، فإذا تعمد إنسان وركع قبل أن يركع إمامه فعليه أن يرفع حتى يركع بعده، حتى يكون بذلك متابع، أما إذا كان جاهلا أو في غيبوبة أو غفلة فإنه معذور.
س: ما حكم من رأى بعض الشباب يلعبون الكرة أمام المسجد والإمام يصلي بالناس صلاة المغرب ومر أحد الناس ونصحهم بالصلاة فلم يستجيبوا له، فما الحكم في ذلك؟ ما حكم هؤلاء الذين يلعبون وما حكم من يراهم يلعبون ولا ينكر عليهم؟
الكل على خطأ؛ ينظر في حال هؤلاء الشباب إذا كانوا قد بلغوا سن التمييز؛ يعني من العاشرة فما بعد وجب ضربهم ووجب تأديبهم ومنعهم عن اللعب وقت الصلاة والانشغال عن الصلاة، وإذا كانوا دون سن التمييز فالأمر أسهل إذا كانوا دون العشر، فعلى كل من مر بهم أن ينصحهم، وعلى جماعة المسجد إذا مروا بهم جميعا أن يحذروهم وأن يحذروا آباءهم وأن يتعاونوا جميعا على منعهم من هذا اللعب وقت الصلاة، وكذلك إذا عجزوا لهم أن يتصلوا بأهل الحسبة ومراكز الهيئة ليساعدوهم على ذلك.
س: يقول السائل: في كل رمضان نذبح لموتانا ونجمع الناس على هذا العشاء ونيتنا في ذلك الصدقة لهم فهل هذا جائز؟
جائز، إذا كانوا فقراء هؤلاء الذين تجمعهم فيهم الصدقة، أو كانوا مثلا أحبابا وأصحابا تجمعهم لأجل كرامة، كما تجمعهم في غير رمضان فلا بأس في ذلك، وأما إذا كان يعتقد أن أيام رمضان لها ذبائح خاصة فهذا لا يجوز.
لا شك أن الإنسان يتصدق في رمضان على المساكين بطعام أو بلحم أو بتمر إفطار؛ فإن له أجر من فطر صائما فله مثل أجره وأما إذا أراد بذلك إكرام زملائه وأصدقائه؛ فهي عادة من العادات في رمضان وفي غير رمضان.
س: ما حكم من يقول لإنسان –مثلا- إذا رآه: هذا وجه مبارك أو رجل مبارك خصوصا لمن ظاهره الالتزام أو يقول في أحد الأيام هذا يوم مبارك؟
يجوز ذلك؛ فإن البركة من الله يجعلها حيث يشاء، فالله تعالى قد وصف القرآن بقوله: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ وصف المطر بقوله: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فالله جعل البركة مثلا في المطر فيجعل البركة في الأشخاص؛ يجعل هذا الإنسان فيه بركة؛ بحيث إن حركاته وأبعاده تكون نافعة ومؤثرة، وكذلك يجعل البركة مثلا في بعض الأيام وفي بعض الأزمنة، فإذا رأيت آثار البركة فلك أن تصفه بالبركة، وتقول: إنسان فيه البركة ويوم فيه البركة أو يوم مبارك أو ما أشبه ذلك.
س: يقول السائل: هل يجوز الجلوس مع أقاربي الذين يشاهدون الدش مع عدم إنكاري عليهم وإغلاقه؟
لا يجوز، إذا كان يعرض فيه صور قبيحة وأفلام فاتنة هابطة تفتن وتوقع الإنسان في الشرور، أو تدفعه إلى اقتراف المحرمات، لا شك أن هذه الدشوش أنها مجلبة شر؛ وذلك لأنها تجلب من بلاد الكفار وبلاد المشركين الذين يريدون فتنة المسلمين صورا قبيحة بشعة، تدعو إلى العهر وإلى الفساد وإلى اقتراف الزنا واللواط، وفعل المنكرات والفواحش.
فنصيحتنا بعدم إقرار هؤلاء، وبعدم مجالستهم على هذا المنكر. أما مجالستهم بغير استعماله فإذا نصحناهم، ولكنهم لم ينتصحوا لم يمنع ذلك أن نجالسهم بغير استعمال المنكرات.
س: ما حكم مشاهدة مباريات كرة القدم حيث تكون أفخاذ اللاعبين مكشوفة؟
إذا كان هذا في غير فائدة فنرى أيضا أنه يشغل الوقت؛ الذين مثلا يجلسون أمام الشاشة ساعة أو ساعتين يشاهدون اللاعبين يذهب عليهم وقت لا يستفيدون منه، فإن مشاهدتهم أن هذا يضرب الكرة وهذا يردها وهذا يصيبها وهذا يخطي، ماذا يستفيدون من هذه المشاهدة إلا إضاعة وقت والوقت ثمين.
أما نفس اللاعبين الذين يلعبون فقد يعتذرون بأنهم يريدون بذلك تقوية الأبدان وتنشيطها على التقلب وعلى الحركة، وما أشبه ذلك، فهؤلاء معذورون بعملهم، وأما نفس المشاهدين والناظرين فلا فائدة لهم في ذلك.
س: يقول السائل: إذا علمت أن فلان من الناس يروج المخدرات فما حكم التبليغ عنه وإذا كنت شاكا فيه فهل أبلغ عنه الجهات المختصة لتتأكد من ذلك؟
تعرف ذلك بالقرائن، فإذا تحققت ذلك أو غلب على ظنك فلك أن تبلغ عنه؛ وذلك لأن هذا منكر وأي منكر، إذا عرفت مثلا أن هذا يعمل الخمر أو يبيعها أو أنه يبيع الحبوب المخدرة أو يروجها ويستجلبها، فإن في هذا فساد كبير ومصيبة عظيمة تفتك بعقول المسلمين وبأجسادهم، فلا تقرهم على ذلك، هذا إذا تحققت أنه يروج أو غلب على ظنك ظنا غالبا قويا فإنك ترفع عنهم، ولك أجر إنكار المنكر.
س: يقول السائل: لي ديون على بعض الأشخاص منذ عدة سنوات ولم يقوموا بتسديدها لي فهل على هذه الديون زكاة؟
ليس عليها زكاة حتى تأتيك، فإذا أعطوكها ولو بعد عشر سنين فلا زكاة عليك إلا عن سنة واحدة؛ تخرج زكاة سنة واحدة وذلك لأنك غير قادر على الاستفادة منها.
س: امرأة غضبت على ابنها الصغير فقالت في ساعة الغضب: علي صيام شهرين إن فارقتني للمدرسة ولم تقصد النذر وإنما جاء ذلك على لسانها فما الحكم؟
ما دامت لم تقصد الصيام، وإنما أرادت أن تلزم نفسها أو نحو ذلك فالغالب أن هذا يعتبر يمينا؛ فتؤمر بالكفارة إطعام عشرة مساكين ولا يلزمها صيام لأنها ما قصدته وللمشقة عليها.
س: ما حكم من يقول في كل وقت في الصلاة: اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت ؟
إذا كان يدعو بذلك سرا في السجود مثلا، أو بعد الرفع من الركوع، وبعد التسميع والتحميد أو بين السجدتين فلا بأس بذلك، وأما إذا كان يرفع به صوته؛ كالذين يقنتون مثل قنوت الوتر في رمضان فمثل هذا لا يجوز بل هو محدث.
س: هنا سائل يقول: بالنسبة للاعب الكرة هل يجوز أن يلعب اللاعب وفخذه مكشوفة؟
لا يجوز ذلك؛ فإن الفخذ عورة بل عليه أن يلبس لباس يستر إلى ما تحت الركبة يستر الركبة وما فوقها، فإن الفخذ عورة ولا يجوز فعل ذلك، إلا إذا كان صغيرا يعني دون العشر فأما ما فوق العشر فيلزمه ستر العورة التي هي من السرة إلى الركبة.
س: يقول السائل: لدي محل تجاري فيه من البضائع الكثير وبعض هذه البضائع يمر عليه حول كامل لم يباع فهل فيه زكاة وكيف يكون ذلك؟
فيه زكاة ما دام أنه معروض للبيع في هذا المحل معروض للبيع، كل من أتاك عرضت عليه هذه السلعة وهذه السلعة ونظر إليها وعرف أنها اشتريت للتجارة، ففي كل سنة تثمن ما عندك وتخرج زكاته.
س: المال المعد لبناء منزل أو للزواج هل يجب عليه زكاة ؟
عليه زكاة؛ لأنه صالح للنماء صالح لأن تنميه ولو كنت تجمعه لتبني به أو تجمعه لأن تتزوج به، ومكث خمس سنين وأنت تجمع لا مانع من الزكاة، بل الزكاة فيه لكونه مالا يصلح أن يستعمل.
س: ما حكم من بنى شققا مفروشة للإيجار ووضع فيها دشا هل يحرم ذلك؟
لا شك أنه عمل شرا وأساء إلى الذين يسكنون فيها، ولو أن ذلك يرغب كثيرا من الناس الذين نفوسهم ضعيفة فنقول: فعله حرام ولو حصل منه على مصلحة، وهي كثرة الذين يستأجرونها أو يرغبون فيها لأجل هذا العمل الشيطاني؛ فننصحه بأن لا يفعل ذلك ويثق برزق الله تعالى والله هو الرزاق.
س: يسأل السائل حول قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فيسأل عن تفسير هذه الآية؟
ذكر الأشعث بن قيس الكندي الحضرمي أنها نزلت فيه وفي خصم له؛ تخاصموا في أرض فادعى كل منهما أنها أرضه، ولم يكن للأشعث شهود فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للحضرمي الآخر: احلف، فقال الأشعث سوف يحلف ويأخذ أرضي، فوعده النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان قالوا: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال وإن كان قضيبا من أراك أي: عود أراك وهو السواك.
فأنزل الله هذه الآية، فالذين يحلفون وهم كاذبون وقصدهم من الحلف على الكذب أخذ المال بغير حق، توعدهم الله بخمسة أنواع من الوعيد إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ عهد الله الذي قال: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وهو أنهم يعطون كل ذي حق حقه.
يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ يعني: حلفهم ثَمَنًا قَلِيلًا يعني: دنيا ولو كانت مائة ألف أو مئات الألوف، فإنها قليل في جانب الدار الآخرة لَا خَلَاقَ لَهُمْ يعني: لا حظ لهم ولا نصيب لهم في الآخرة وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يعني كلام رضا وَلَا يُزَكِّيهِمْ أي: لا يطهرهم من سيئاتهم وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ نظر رحمة، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الآخرة وهو عذاب النار والعياذ بالله. فالحاصل أن فيها أن فيها التحذير من الحلف الكاذب؛ سيما عند القاضي إذا كان يأخذ بهذا الحلف مالا حرام.
س: ما حكم قطع الحج وتركه؟
قطع الحج وقطع العمرة لا يجوز، وصفة ذلك أن الإنسان إذا أحرم بالحج ودخل فيه وجب عليه الإتمام، أو أحرم بالعمرة وجب عليه الإتمام، قال الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فمن أحرم بالحج أو أحرم بالعمرة لزمه إتمام ذلك، ولا يجوز له قطعه، ولا يجوز له تركه إلا إذا مرض مرضا مقعدا له، أو حال بينه وبينه عدو منعوه من الوصول إلى البيت.
أما إذا كان قادرا ولكن رأى زحاما أو رأى ثقلا أو نحو ذلك، فهذا لا يجوز، ويقال إنه باق على إحرامه.
فلو أن إنسانا –مثلا- أحرم بالعمرة ثم جاء ورأى زحاما في المطاف وقال: لا حاجة لي بهذه العمرة فخلع إحرامه ولبث ثيابه ورجع إلى بلده، وجامع أهله قلنا له: أنت باق على إحرامك ولباسك هذا لا يجوز، وقصك من الشعر لا يجوز، وتطيبك لا يجوز، ووطؤك لامرأتك لا يجوز وإن عقدت نكاحا فالعقد باطل، لازم أنك ترجع إلى مكة وتكمل هذه العمرة التي أنت ابتدأتها، فإذا كملتها فعليك فدية بقدر الأعمال التي عملتها بمحذورات الإحرام.
س: هل يدخل التعريف بالضالة في المسجد في حكم السؤال عنها أي لو وجد إمام المسجد شيئا مفقودا هل يجوز له التعريف به داخل المسجد أو يكتب ورقة يعلن فيها عن هذا المفقود؟
لا يجوز، لا السؤال عنها ولا التعريف بل يكون خارج الباب، يكون من خارج الباب فيقف عند الباب، ويقول: من له كذا وكذا؟ من فقد مفاتيحه أو من فقد ساعته مثلا أو من فقد دراهم له؟ فإذا جاءه إنسان فإنه يقول صفها لي، بين لي وصفها حتى أعرف أنها لك أو لغيرك، فإذا وصفها أعطاه إياه، وإن كتب ورقة فإنه يجعلها يلصقها بالجدار الخارجي أو بالباب من الخارج لا يجعلها من الداخل.
س: ما حكم من بنى محطة وأحضر عمالا كفار ؟
نحن نقول: لا يجوز إحضار العمال الكفار لا في محطة ولا في مؤسسة ولا في خدمة ولا في قيادة، ولا في غير ذلك؛ وذلك لأن فيه تشجيع الكفار على كفرهم وتمكينهم من بلاد المسلمين، وأخذهم المصالح التي يكون المسلمون أولى بها، هناك مسلمون في أطراف البلاد بحاجة إلى هذا الاستخدام، وعملهم لا ينقص عن عمل المسلمين، فننصح من عنده مؤسسة أو عنده محطة مثلا، ويريد أن يستقدم عمالا ألا يستقدم إلا المسلمين، فهم أقرب إلى الأمان إن شاء الله.
س: يقول السائل: جدتي ولدت اثني عشر ولدا وأرضعتني مع آخر واحد منهم أي أصغرهم قرابة شهرين فهل يجوز لي الزواج من بنات أعمامي الذين هم أكبر من عمي هذا سنا؟
لا يجوز، وذلك لأنك أخوهم؛ إذا رضعت من أمهم فأنت أخوهم حتى ولو ما رضعت إلا مع الأصغر؛ لأنهم أولاد أمك التي أرضعتك، أصبحت جدتك أمك حيث أرضعتك شهرين، فإذا صارت أمك فولدها الصغير أخوك وولدها الأوسط أخوك وولدها الكبير أخوك، كل أولادها إخوتك وكذلك أولاد زوجها من غيرها، إذا كان لها زوج الذي أنت رضعت من اللبن الذي هو بسببه، وله أولاد من غيرها فإنهم أيضا إخوتك؛ أعمامك من حيث إنهم إخوة أبيك وإخوتك من الرضاع؛ حيث إنك رضعت من أمهم، فلا تتزوج من بنات عمك.
س: يقول السائل: إذا مات عندنا الميت قام جماعة الميت من أقارب وأباعد بصنع الطعام لأهل الميت وغالبا ما يكون ذبائح ويحضر عدد كبير من الناس لعدة أيام وأحيانا أهل الميت يذبحون طعاما لهؤلاء الضيوف، فما حكم ذلك؟
عادة كثرت في هذه الأزمنة في هذه البلاد وفي غيرها، فأما ذبح أهل الميت فلا يجوز إلا إذا جاءهم ضيف من بعيد لأجل التعزية فيكرموه بقدره وحده، ولا يجمعوا الناس لأجل أن يكرموهم، وأما إصلاح الطعام لأهل الميت فلا بأس بذلك، ولكن يكون بقدر أهل الميت فيصلح لهم جيرانهم طعاما يكفيهم، ولا يجمعون عليه بقية الأقارب والأسرة كلهم، بل يقتصرون على أهل الميت، يصلحوا لهم طعاما.
ولا يلزم أن يكون ذبائح لما في ذلك من الإسراف، فينهى عن هذا لا بأس بكونه مثلا يومين أو ثلاثة أيام ما دام حر المصيبة موجودا، وما داموا متأثرين بها فيصنع لهم من الطعام ما يكفيهم، وإن حضر معهم أحد أقاربهم وأكلوا معهم جاز ذلك، والأفضل الاقتصار على أهل الميت، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم .
س: يقول السائل: ما حكم رفع اليدين في الدعاء وهل هناك أوقات يشرع فيها رفع اليدين وأوقات لا يشرع فيها؟
رفع اليدين سنة، وهو من أسباب إجابة الدعاء وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يدعو رفع يديه في كل دعاء غالبا، في الاستسقاء وفي غيره يرفع يديه إلى صدره أو إلى منكبيه، ورغب في ذلك وجعله من أسباب إجابة الدعاء فقال صلى الله عليه وسلم: إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا أي: خاليتين.
وكذلك رفع يديه لما أراد أن يدعو على قوم، ورفع يديه لما طلب منه أبو موسى أن يدعو لأخيه الذي قتل شهيدا، فرفع يديه حتى رئي بياض إبطيه ودعا، وفي ذلك أحاديث كثيرة تدل على أن رفع اليدين في الدعاء سنة، في كل الأدعية حتى في أدعية الخطب وما أشبهها لعموم الأدلة.
س: ما حكم الحلف على المصحف كذبا وهل لذلك كفارة؟
الحلف كذبا حرام على مصحف أو غير مصحف، وهو ذنب عظيم فإن كان الحلف على مستقبل ففيه كفارة، كأن يحلف أنه لا يدخل بيت فلان أو لا يكلم فلانا أخاه، أو لا يأكل من طعام فلان، أو لا يركب سيارة فلان، فهذا فيه كفارة إطعام عشرة مساكين.
وأما إذا حلف على فعل ماض أنه ما فعله وهو كاذب، فهذا ذنب كبير لا يكفره الإطعام، فيكون عليه أن يتوب توبة نصوحا، وألا يعود إلى مثل ذلك، إذا حلف مثلا أنه ما ضرب فلانا وهو قد ضربه، أو حلف أنه ما أخذ منه مال وهو قد أخذ، أو حلف أنه ليس له عنده دين وهو كاذب يعلم أن عنده له دين، أو حلف ما عندي لك أمانة وهو كاذب، فهذا ذنب كبير لا يكفره الإطعام، عليه أن يرد الأمانات إلى أهلها، وعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحا.
س: ما حكم الأيمان إذا تكررت والسبب واحد فهل الكفارة تكون واحدة أم لكل يمين كفارة مستقلة؟
تكفي كفارة واحدة، ولو تعددت الأيمان أو اتحدت اليمين، فلو حلف يمينا واحدا قال: والله ما أركب هذه السيارة ولا أدخل هذا البيت ولا أكلم هذا الرجل ولا ألبس هذا الثوب، ثم إنه فعلها أو فعل واحدا منها كفاه كفارة واحدة، وكذلك لو حلف اليوم ما يكلم أخاه ثم حلف اليوم الثاني ما يكلمه ثم حلف اليوم الثالث ما يكلمه، ففيه كفارة واحدة.
س: ما حكم الحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أو بالحياة أو بالذمة هل هذا من الشرك، علي الحرام أو علي الطلاق وفي ذمتي؟
الحلف بغير الله شرك حتى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يشاهد أن بعض الجهلة إذا أراد أن يؤكد الأمر قال: بالنبي بالنبي ما فعلت ، بالنبي افعل كذا؛ هذا حلف بالنبي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك .
وكذلك إذا قال: وحياتك يا فلان وحياتي وشرفي ونسبي وتربة والدي وأبي وأبوي؛ هذا حلف أيضا بغير الله فيكون شركا. وكذلك إذا قال: بالأمانة مثلا أو نحوها؛ فقد ورد في الحديث: من حلف بالأمانة فليس منا .
وأما الذمة فإنه يصير عهدا إذا قال مثلا: لك عهدي لك ذمتي أنت في ذمتي؛ فهذا جائز فيصير معاهدة، في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا طلبوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فقل: أنتم في ذمتي لكم ذمتي لكم عهدي، أعاهدكم ألا أفعل كذا هذا جائز.
س: ما حكم كشف المرأة لوجهها في الطواف والسعي ؟
لا يجوز أمام الرجال، أما إذا كان المسجد خاليا وليس فيه رجال أجانب، فلها أن تكشف وأما إذا كان فيه رجال أجانب ينظرون إليها فلا يجوز لها ولو كانت محرمة، تكشف وجهها عند محارمها ولا تغطيه أو عند نسائها أو في الأماكن المحصورة المحجوزة التي لا يدخلها الرجال.
في المسجد الحرام أماكن مخصصة للنساء، فأما إذا كان المكان مختلطا رجال ونساء فلا يجوز لها كشف وجهها.
س: ما حكم مشاهدة الصور التي في الجرائد والمجلات والاحتفاظ بها ؟
هذه مما عمت بها البلوى وكثرت، فإذا كانت من الصور الفاتنة صور النساء التي فيها شيء من العري ونحوه فلا يجوز النظر إليها ، وأما إذا كانت صورا عادية صور رجال عاديين أو صبيان أو نحو ذلك ليس فيهم محل فتنة، فلا يلزم؛ يعني لا يلزم أن يؤمر بطمسها كلها، بل يشتريها لحاجته وعليه بعد قراءتها مثلا؛ إما أن يحرقها وإما أن يمحو الصور التي فيها، وإما أن يرد بعضها على بعض ولا يتركها بارزة؛ ليكون ذلك أقل للفتنة بها.
س: يقول السائل: هل انتهاء وقت صلاة الوتر يكون عند أذان الفجر وعند فواتها ليلا متى تصلى؟
نعم، ورد أن صلاة الوتر تنتهي بطلوع الفجر، ورخص بعض الصحابة أنه يصليها ركعة ولو بعد الأذان أو وقت الأذان، فإذا فات الوقت ولم يتمكن أن يصليه قبل الفجر فإنه يقضيه في الضحى، ولكن يجعله شفعا؛ أي بدل الركعة ركعتين وبدل الثلاث أربع ركعات، وإن كان يصلي خمس ركعات جعلها ست؛ يجعله شفع؛ لأن الوتر الذي هو ركعة قد فات وقته.
س: إذا مات الإنسان بالدهس أي بدهس السيارات، هل يكون مثل من مات بالهدم والغرق شهيدا؟
يرجى له ذلك ما دام أنه عليه السلام أخبر بقوله: الشهداء خمسة: المطعون يعني الذي يموت في الطاعون والمبطون الذي يموت بداء البطن وهو الكوليرا وصاحب الهدم والغريق والمقتول في سبيل الله الذي يموت بالغرق؛ يرجى له أجر الشهادة.
وكذلك بالحرق، وكذلك إذا مات تحت الهدم، فكذلك أيضا هذه الحوادث التي كثرت، وإن كان الإنسان عليه أن يحتاط وأن يبتعد عن الأخطار، وأن يتحفظ عن أن يعرض نفسه للأماكن التي يكون فيها زحام السيارات وما أشبهها، أو فيها أصحاب التهور الذين يسرعون سرعة جنونية يسببون قتل خلق كثير، فإذا احتاط بذلك، ولكن جاءه قدر فمات بانقلاب أو بصدم أو نحو ذلك يرجى له أجر.
- في الختام نشكر فضيلة الشيخ حفظه الله على تفضله بإجابة الأسئلة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا المجلس في ميزان حسناته وفي ميزان حسناتنا أجمعين، ونعتذر للإخوة الذين لم تطرح أسئلتهم نظرا لكثرة الأسئلة، ولعل في المرات القادمة إن شاء الله، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد .

line-bottom