القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
الافتراق والاختلاف
7553 مشاهدة
الخلاف في زكاة الحلي

بهذه المناسبة.. نقول: اختلفوا في زكاة الْحُلِيِّ -حُلِيِّ المرأة- هل عليه زكاة أم لا؟
فمشائخنا المتقدمون جعلوه من المستعملات، وألحقوه بالأكسية، وألحقوه بالمساكن وبالمراكب، ونحوها ولم يجعلوا فيه زكاة.
ومشائخنا المتأخرون جعلوا فيه زكاة، وقالوا: إنه يعتبر من الكَنْز، فيدخل في الآية التي سمعنا؛ التي ذكرها المقدم أخونا قبل الصلاة، وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ فنختار أنه يُزَكَّى، فَتُقَدَّرُ قيمته كل سنة، وتخرج زكاة قيمته إذا بلغ نِصَابًا. والنصاب نحو أحد عشر جنيها ونصفا. فإذا كان أقل فإنه لا زكاة فيه.
ولا يجمع ذهب اثنتين، إذا كان عندك ابنتان: إحداهما عليها حُلِيٌّ يُقَدر –مثلا- بعشرة، والأخرى عليها حلي يقدر بعشرة جنيهات؛ فليس على واحدة منهما زكاة، ولا تقول: أَجْمَعُ هذا مع هذا وأُزَكِّيه؛ وذلك لأن كل واحدة منهما تملك ما عندها مُلْكًا مُسْتَقِلًّا؛ لأنك قد مَلَّكْتَهَا هذا الحلي، ولست براجع فيه، فهو قد خرج من ملكك، ومَلَكَتْهُ هذه وهذه، وهذه؛ أما إذا بلغ هذا النصاب؛ فإن كل واحدة منهن تُزَكِّي ما عندها، وإذا كان زوجها –مثلا- ثَرِيًّا، وهي لا تجد شيئا ليس عندها شيء؛ فإنه يدفع عنها زوجها من باب المساعدة؛ حتى لا تُضْطرَّ إلى بيعه، أو بيع بعض منه، وهكذا البنات والأخوات ونحوهن.
وبذلك يحتاط الإنسان؛ حتى يأخذ ما فيه، أو يخرج عن المسائل الخلافية، ويخرج من خلافهم، ويثبت على قول لا يُضَلِّلُه، ولا يُخَطِّئُه فيه أحد.