جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
الافتراق والاختلاف
7554 مشاهدة
المسح على الجوارب

أما المسألة الثانية: ألا وهي: المسح على الجوارب –الشراب- فهذه لا شك أنها مسألة خلافية، وأكثر الأئمة على أنها لا تُمْسَحُ؛ وذلك لأنها يَخْرِقُهَا الماء؛ ولكن جاء المسح عن الصحابة؛ مسحوا على الجوارب؛ رُوِيَ ذلك عن نحو ثلاثة عشر صحابِيًّا.
رُوِيَ عنهم أنهم كانوا يمسحون على الجوارب؛ فلذلك ذهب إليه -أي إلى جوازه- الإمام أحمد -رحمه الله- خالفه الأئمة الباقون، وقالوا: لا يُمْسَحُ عليها؛ حيث إنها يخرقها الماء؛ وحيث إنها لا يمكن المشي فيها؛ وحيث إنها شفافة؛ أو نحو ذلك؛ فلذلك اجتهدوا، وقالوا: لا بد أن المسح يكون على الْخُفَّيْنِ اللَّتَيْنِ تنسج من الجلود وما أشبهها. ولِكُلٍّ اجتهاده؛ فما دام أن الصحابة -رضي الله عنهم- مسحوا عليها، وما دام أنها ساترةٌ صفيقةٌ كما يَسْتُرُ الخف والجرموق وما أشبهه؛ فإن في المسح عليها تخفيفا على الأمة، وتسهيلا عليهم؛ ولكن عليهم أن يأخذوا حذرهم، فلا يمسحوا إلا على ما هو صَفِيقٌ متينٌ غليظٌ، ولا يمسح على ما فيه خروق يظهر منها بعض الجسد؛ بعض الجلد؛ لذلك نقول: إن كثيرا من الناس يتساهلون في المسح على الجوارب، وليست مثل المسح على الخفين؛ لوقوع الخلاف الشديد فيها، بخلاف المسح على الخفين؛ فإن المخالفين فيها هم المبتدعة. أما الجوارب فإن الخلاف فيها قوي؛ بخلاف الْخُفَّيْنِ.
فعلى هذا إذا أراد أن يمسح فإنه لا يمسح إلا على ما هو صفيق، وإذا كانت خفيفة فإنه يلبس اثنين أو ثلاثة؛ حتى يكون مجموعها صفيقا؛ بحيث إنها تكون ساترة ستْرًا كاملا، ولا يتساهل فيها؛ لقوة الخلاف فيها.