شرح القواعد الأربعة
عبادة الشمس والقمر من دون الله
...............................................................................
وأما عبادة الأولين للشمس وللقمر: فقد ذكر الله تعالى عن سبأ أنهم كانوا يسجدون للشمس من دون الله، فيما حكى الله تعالى عن سليمان اسم> والهدهد: رسم> وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قرآن> رسم> ولا يزال النصارى أيضا يسجدون للشمس إذا طلعت وإذا غربت، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس، وعند غروبها؛ مخافة أن يكون أو يعتقد أن السجود والصلاة يكون للشمس، أو يكون فيه تشبه بالذين يسجدون للشمس من دون الله.
وقول الله تعالى: رسم> وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ قرآن> رسم> أي: من الآيات الدالة على عظمته وعلى استحقاقه للألوهية وعلى ربوبيته، أنه أوجد هذه الآيات البينات: الليل والنهار آيات، والشمس والقمر آيات من آيات الله الكونية، لا تسجدوا للشمس ولا للقمر، يعني: قد يُطْلَقُ السجود على التذلل، وقد يطلق على السجود الحقيقي الذي هو: وضع الجبهة على الأرض.
ذكر بعضهم في تفسير قول الله تعالى: رسم> وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ قرآن> رسم> أن المراد: لا يخضعون ولا يتورعون. وقيل: أي لا يسجدون السجود الحقيقي، ولكن لا يلزم أن كل من قُرِئت عليه آية أو سورة أن يسجد، وإذا قرئ عليهم القرآن يفهم منه أن المؤمنين يسجدون إذا قرأ عليهم القرآن، إذا قرأ عليهم أحد سورة الفاتحة أو سورة البقرة يسجدون، أو سورة آل عمران أو سورتي المعوذتين أو نحو ذلك، وأن هؤلاء لا يسجدون إذا سمعوا مثل هذه الآيات.
ولذلك فسَّر كثير من المفسرين السجود هنا بالخضوع، يعني: لا يخضعون ولا يتواضعون ولا يتذللون لله تعالى، ولا يتوبون إليه وينيبون، ولا يتأثرون بسماعه؛ فيكون معنى قوله: رسم> لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ قرآن> رسم> أي: لا تعبدوهما ولا تخضعوا للشمس ولا للقمر، ولا تعتقدوا فيهما أنهما ينفعان أو يضران؛ بل هما مخلوقان مسيران مسخران.
ذكر الله أنهما مسخران في آيات كثيرة، رسم> وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قرآن> رسم> يعني سيرهما، فلا يصح أن يصرف لهم شيء من حق الله تعالى الذي هو العبادة، سواء السجود الحقيقي، أو السجود المعنوي الذي هو التذلل والخضوع.
وقد يقال: لا يوجد في هذه الأزمنة مَنْ يسجد للشمس ولا للقمر-يعني: سجودا حقيقيا- إلا ما كان من النصارى.
يعني: الأمة المحمدية -أهل القبلة- لم يذكر أن أحدا منهم يسجدون للشمس عند طلوعها- يعني: عبادة حقيقية، وإن كان قد يوجد في بعض الأحيان، ثم المشركون الأولون أكثر معبوداتهم، وكذا الذين قبلهم -كقوم إبراهيم اسم> يعبدون الأشجار والأحجار، ينحتونها على صور أنبياء أو صالحين أو نحو ذلك. ولهذا قال إبراهيم اسم> رسم> أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ قرآن> رسم> ؟ يعني: ما تصورون، فينحتون من الخشبة صورة إنسان، وينحتون من الحجر صورة إنسان، ثم ينصبونه، وكذلك قد يمثلونه أو يصورونه- إما رسما، وإما صورة مجسدة- فينصبونها عند القبر، أو نحوه، أو ينصبونها في مكان، ثم يعبدونها.
مسألة>