إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
محاضرة بعنوان درس الحج
8189 مشاهدة
حكم من فاته شيء من أعمال الحج غير الوقوف بعرفة

...............................................................................


وليس شيء من أركان الحج يفوت إلا الوقوف؛ وذلك لأنه محدد، وأما بقية الأعمال فإنها إذا فاتت جبرت بدم، فالذي -مثلا- يترك المبيت بمنى عليه دم، وإذا ترك واجبين عليه دمان، من ترك ثلاثة عليه ثلاثة دماء، فلو أن إنسانا بعدما وقف بعرفة انصرف منها نهارا، ولما انصرف وجب عليه دم؛ بالانصراف قبل الغروب، ولم يبت بمنى وجب عليه دم ثان، ولم يبت بمزدلفة وجب عليه دم آخر، ولم يرمِ وجب عليه -أيضا- دم، ولم يودع نقول له: عليك الذي يفوت، وهو الوقوف، والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى ورمي الجمار، هذه تفوت، وأما البقية فإنها لا تفوت، فله أن يؤخر الطواف، طواف الزيارة ولو خمسة أيام أو عشرة أيام، ولكن لا يحصل له التحلل الأول إلا بالرمي، أو بالطواف مع الحلق.
رمي وحلق، أو طواف، وحلق، ولا يحصل له التحلل الثاني إلا بالثلاثة، يعني بالرمي، والحلق والطواف، مع السعي.
فإذا قال: أنا أنصرف من عرفة وأبقى على إحرامي، وأرجع إلى أهلي؛ لغرض حصل؛ ولأمر ضروري أبقى على إحرامي، وأرجع بعد ثلاثة أيام، أو أربعة، فإنا نأمره أن يبقى على إحرامه، على لباسه، وعلى امتناعه حتى يرجع ولو بعد عشرة أيام، ثم يرمي، ثم يحلق، ويطوف وحينئذ يتحلل.
والثلاثة التي فاتته، أو الأربعة يفعل منها ما يقدر، فلو فاته الرمي، جاء بعد خمسة أيام، كيف يتحلل؟
الرمي فاته، والمبيت فاته، نقول: عليك أربعة دماء، دم عن انصرافك نهارا من عرفة ودم عن ترك المبيت بمزدلفة ودم عن ترك المبيت بمنى ودم عن ترك الرمي حتى فات وقته في أربعة الأيام التي هي يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
وأما الطواف فلا يفوت، تأتي وتطوف بالبيت سبعة أشواط، وتسعى، وتحلق رأسك، وتتحلل، وتذبح أربع الفديات، فهذا فيمن ترك واجبا.
كذلك لو استعجل وترك طواف الوداع، وكان قد طاف للزيارة، فعليه دم أو شق عليه الحلق، والتقصير، فترك الحلق أو التقصير، فعليه دم، أو كذلك لم يبت بمنى أيام منى أو لم يبت في مزدلفة فعليه دم، يعني عن تركه لهذه الواجبات.