اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
تفاسير سور من القرآن
66570 مشاهدة
تفسير الحرج بالشك

...............................................................................


وروي هنا عن جماعة من كبار المفسرين أن الحرج في هذه الآية الشك؛ أي فلا يكن في صدرك شك من أنه منزل من الله جل وعلا.
وعلى هذا فالآية كقوله: فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ؛ أي من الشاكين، وقوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ .
وتفسير الحرج في آية الأعراف بالشك في هذا الموضع قال به جماعة من أجلاء المفسرين وعلماء العربية -يقولون: إنه مع أنه روي عن بعض أجلائها بالتفسير أنه سائغ في اللغة العربية؛ لأن الشاك قلق صدره ضيق لا يميل إلى طرف الإثبات ولا إلى طرف النفي .
ومما يؤيد هذا أن الريب في جميع القرآن معناه الشك، فقوله: لَا رَيْبَ فِيهِ ؛ أي لا شك فيه، مع أن أصل الريب في لغة العرب مصدر رابه يريبه ريبا إذا أزعجه وأقلقه، وفي حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم رأى ظبيا حاقفا، فقال: لا يريبه أحد ؛ يعني لا تزعجوه ولا تقلقوه ولا تنفروه؛ لأنكم محرمون لا يجوز لكم إزعاج الطير.
ومن هذا المعنى قول توبة بن الحمير
وكنت إذا ما جئت ليلـى تبرقعـت
وقد رابني منها الغـداة سفـورهـا
رابني؛ يعني أزعجني وأقلقني؛ لأن أهلها كانوا شكوه إلى الوالي فأهدر دمه إن زارها، وكان إذا جاءها لبست برقعها عنه فأنذروها، وأنها إن أعلمته فعلوا بها وفعلوا. فلما زارها سفرت وكشفت عن وجهها؛ فشرد توبة بن الحمير هاربا، وقال:
وكنت إذا ما جئت ليلـى تبرقعـت
وقد رابني منها الغـداة سفـورهـا
فعلم أنها ما كشفت عن وجهها إلا لأن النار تحت الرماد.
والشاهد أن قوله: وقد رابني منها أزعجني وأقلقني، وأن الريب أصله الإزعاج والإقلاق وهو في القرآن يطلق على الشك؛ لأن نفس الشاك غير مطمئنة بل هي قلقة مضطربة، لا تدري أتميل إلى طرف النفي أو إلى طرف الثبوت، وهذا معنى قوله: فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ .
وقوله: لِتُنْذِرَ بِهِ التحقيق أنها لام كي والمعروفة بلام التعليل، والفعل منصوب بأن مضمرة بعدها وهي تتعلق بقوله: أُنْزِلَ ؛ يعني أنزل إليك هذا الكتاب. لأي حكمة أنزل إليك؟ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ .