إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
تفاسير سور من القرآن
66467 مشاهدة
معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ

...............................................................................


قال بعض العلماء: يسألون مع اليأس، وقال بعضهم: لهم طمع لشدة ما هم فيه؛ فأجابهم المؤمنون في الجنة قالوا: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا ؛ أي الشيئين اللذين سألتما وهما الماء وما رزقنا الله من نعيمه غير الماء حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ .
والتحريم هنا تحريم كوني قدري أي منعهما من الكافرين؛ لأن التحريم يطلق في القرآن وفي لغة العرب على التحريم الشرعي وعلى التحريم بمعنى المنع. وليس المراد هنا أنهما شرعا محرمان ولكنه تحريم قدري، وأن الله منع منهما الكافرين منعا باتا بقدره وقضائه.
ونظيره من التحريم بالمعنى القدري لا بالمعنى الشرعي قوله: قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً وقوله جل وعلا: وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ؛ لأن الرضيع لا يؤاخذ بالتحريم الشرعي حتى يكون عليه حرام أو حلال والمعنى منعناه منهما. وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ومن التحريم في معنى المنع كونا وقدرا.
والتحريم بمعنى المنع معروف في كلام العرب مشهور في لغتهم التي نزل بها القرآن، منه قول الشاعر:
حرام على عيني أن تطعما الكـرى
وأن ترقـآ حـتى ألاقيك يـا هنـد
فمعنى:
حرام على عيني أن تطعما الكرى
....................................
ممنوعتان من ذوق النعاس والنوم.
ونظيره قول امرئ القيس ... :
قد جـاءت لتصرعني فقلـت لهـا
اقصري إني امرؤ صرعي عليك حرام
أي لا تقدرين علي.
ومعنى إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ حكم بمنعهم منهما حكما باتا؛ كما قال جل وعلا عن عيسى ابن مريم إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وكذلك الكفار كما أن الجنة حرام عليهم فما فيها من الماء والرزق والنعيم حرام عليهم لا يذوقونه أبدا، وهذا معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ .