إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
تفاسير سور من القرآن
66468 مشاهدة
تفسير قوله: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ

...............................................................................


قُلْ لهم يا نبي الله: هي ليست بحرام أبدا، وليست بمحرمات البتة.
هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا حلال مباحة. وقوله: هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا غير خالصة فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ أي غير مختصين بها بل يشاركهم فيها الكفار، ونصيب الكفار فيها كثير، كما قال تعالى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وفي القراءة الأخرى لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الآية.
قال بعض العلماء: بينت هذه الآية أن سبب خلق الزينة والطيبات من الرزق أن الله خلقها في الدنيا لخصوص المؤمنين، إلا أنه رزق منها الكفار تبعا للمؤمنين؛ لأن الدنيا متاع يأكل منه البر والفاجر؛ فتلك الزينة وطيبات الرزق في الدنيا يشترك فيها البر والفاجر، ويأكل منها المسلم والكافر.
لكنها يوم القيامة تبقى خالصة للمؤمنين، لا يشاركهم فيها كافر أبدا، ولذا قال: هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ؛ أي ويشترك معهم فيها الكفار في حال كونها خَالِصَةً لهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يشاركهم فيها أحد؛ لأن يوم القيامة لا يجد الزينة ولا الرزق الطيب إلا المؤمنون خاصة.أما الكفار فلا زينة لهم، ولا رزق طيب.
وعلى قراءة الجمهور فخالصةً حال، وعلى قراءة نافع خالصةٌ بالرفع، فهي خبر بعد خبر. هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا الجار والمجرور في لِلَّذِينَ آمَنُوا خبر، وخالصةٌ خبر آخر. وعلى قراءة الجمهور فخالصةً حال، وعامله الكون والاستقرار الذي يتعلق بالجار والمجرور هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا كائنة مستقرة لِلَّذِينَ آمَنُوا في حال كونها خَالِصَةً لهم وحدهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وهذا التفسير هو الصحيح الذي عليه الجمهور.
ومعناه أن الزينة والطيبات من الرزق في دار الدنيا يشترك فيها البر والفاجر، والمؤمن والكافر، وأنها في الآخرة تكون خالصة للمؤمنين، لا يشاركهم فيها أحد إذ لا يجد الزينة والرزق الطيب في القيامة إلا المؤمنون خاصة؛ ولذا لم يذكر خلوصها لهم في الدنيا لاشتراك الكفار معهم، وصرح بكونها خالصة لهم في خصوص الآخرة.
وهنالك تفسير غير ظاهر قال به جماعات من علماء التفسير، أن معنى كونها خالصة للمؤمنين -أن الله ينعمهم بها في الدنيا، وينعمهم في الآخرة أيضا، ولم يحسبها عليهم، ولم ينقص أجورهم بتلك اللذات والطيبات من الرزق التي أكلوها في الدنيا، وهذا مستبعد.
والقول الأول هو الذي عليه الجمهور هو معنى الآية إن شاء الله. وهذا معنى قوله: هِيَ ؛ أي الطيبات من الرزق، والزينة للذين آمنوا في الحياة الدنيا؛ أي ويشاركهم فيها غيرهم من الكفار، لكنها يوم القيامة خالصة للمؤمنين لا يشاركهم فيها أحد.
ويوضح هذا أن نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما قال الله له: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا فلما قال الله له: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا طلب الإمامة لذريته قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي فبين له الله أن الظالمين من ذريته غير المستقيمين المطيعين لا يعهد الله لهم بالإمامة؛ لأنهم لا يستحقونها.
حيث قال مجيبا له: قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ؛ فعرف إبراهيم أن ربه كأنه لامه في الجملة؛ حيث طلب الإمامة لناس منهم من لا يصلح لها؛ كما قال الله لإبراهيم وإسحاق وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ .
ثم بعد ذلك لما عرض إبراهيم طلب الرزق خصه بالمؤمنين خوف أن يلام كالملامة الأولى، وقال: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ثم قيد وقال: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فربه قال له: هذه في الدنيا لا تحتاج إلى القيد قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فيأكل من الدنيا أيضا مع المؤمن، فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وهذا معنى قوله: خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنما سمي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ لأنه يوم يقوم فيه جميع الخلائق بين جبار السماوات....