اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
80524 مشاهدة
نماذج لأولياء وأتباع آخرين

...............................................................................


يقول: وأعظم من ذلك وأطم: أنهم يستغيثون بالطواغيت والكفرة والمردة يستغيثون بهم في الشدائد، عندما تشتد بهم الأزمات لا يجدون من يغيثهم إلا مثل هؤلاء الطواغيت -يعني- المعظمون عندهم، والكفرة -يعني- الذين يعبدونهم وهم في الحقيقة كفرة، ووصفهم بأنهم مردة جمع مارد، ومثل لهم في قوله مثل: شمسان وإدريس يقال له: الأشقر ويوسف وأمثالهم، وهؤلاء كان لهم قبور تعظم، ويدعونها من دون الله في نجد وفيما حوله.
ولم يذكر المؤرخون شيئا من تاريخهم كثيرا؛ إلا أنهم معروف أنهم لهم مكانة عند العامة، العامة يحبونهم في ذلك الزمان، ويدعونهم، ويعظمونهم.

وقد ذكر بعضهم -أيضا- الشيخ المؤلف في كتابه الذي سماه: كشف الشبهات فهذا الكشف كتبه جوابا لبعض العلماء في زمانه، من أهل الأحساء وغيرهم لما كتبوا إليه ينكرون عليه، فيقولون: كيف تجعلنا مثل المشركين الأولين، وتستبيح دماءنا، ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ونصلي، ونصوم، وندعو الله، ونؤمن بالبعث بعد الموت، ونقرأ القرآن، ونقرأ السنة، فكيف تكفرنا وتجعلنا من المشركين؟! فعند ذلك رد عليهم بهذه الرسالة، وأخبر بأنهم أفسدوا عباداتهم؛ حيث إنهم غلوا في الصالحين كما فعل قوم نوح في أولئك الصالحين في زمانهم، وأن غلوهم هذا أوصلهم إلى الشرك، وأنهم أشركوا بالله –تعالى- شركا عظيما أعظم من شرك الأولين.
فأولا: أن الأولين يشركون في الرخاء، ويخلصون في الشدة، وأنتم شرككم دائم في الرخاء والشدة.
وأن الأولين يدعون أناسا صالحين مثل: عيسى وأمه والعزير واللات، وكذلك قوم نوح يدعون ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا قوم صالحون، أو يدعون أحجارا وأشجارا ما أذنبت، مخلوقة من صخرة بأمر الله –تعالى- ومطيعة له، ولا تخرج عن طاعته وتسجد لأمره، كما أخبر الله بأن الأشجار تسجد في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ يعني: كلها تسجد بأمر الله، فأولئك يدعون هؤلاء الصالحين، وأما أهل زماننا فإنهم يدعون من يشهدون بمعاصيهم وبفضائحهم، يدعون أناسا ينقلون عنهم منكرات وأعمالا سيئة؛ ومع ذلك هم الذين يدعونهم.