إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
السلف الصالح بين العلم والإيمان
9867 مشاهدة
المراد بالسلف

البحث الأول: يتعلق بالسلف من هم؟
كثيرًا ما نسمع: قال السلف، وهذا منهج السلف، وعند بعض السلف. اصطلح العلماء على أن السلف هم أهل القرون المفضلة أهل القرون الثلاثة المفضلة يسمون السلف في الاصطلاح، ومن بعدهم يسمون الخَلَف إذا كانوا على الإسلام، أما المغيرون والمنحرفون فيقال لهم: خَلْف؛ يعني: خَالِفٌ بسوء، فالخَلَف معهم إيمان ولكن هم أنقص من السلف، والخَلْف: خَلْفُ سوءٍ كما في قول الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ .
فالخَلْف: هو الذي يأتي مخالفا لمن قبله مخالفة كاملة. ونحن إنما موضوعنا عن السلف؛ وذلك لأن الخَلَف والخَلْف يحتاج إلى موضوع آخر.
السلف: هم أهل القرون المفضلة؛ يعني: الصحابة والتابعون وتابعو التابعين.
الصحابة: هم الذين رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به، وماتوا على الإيمان (ذكورًا وإناثًا). وقد حازوا قصب السبق؛ وذلك لأنهم فازوا وسبقوا غيرهم بالصحبة بحيازتهم كونهم صحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذوا عنه, وسمعوا منه, ولا شك في مزيتهم هذه وفي فضلهم.
بعدهم تلامذتهم الذين هم التابعون، التابعي: هو من رأى أحدًا من الصحابة، وعقل رؤيته؛ ولو من أصاغر الصحابة يعطى اسم تابعي؛ وذلك اصطلاحًا؛ لأنه تابع لمن قبله.
وتابعو التابعين: هم الذين رأوا أو أدركوا أحدا من التابعين، رأوا التابعين ولو من المتأخرين.
قد ذكروا أن الصحابة انقرضوا في القرن الأول قيل: إن آخرهم أنس بن مالك الذي مات سنة ثلاث وتسعين. وقيل: إن منهم من أدرك المائة كالطفيل .
أما التابعون فاستمروا؛ يعني: بقوا وعُمر بعضهم إلى أواخر القرن الثاني؛ ولكنهم يتفاوتون، فمن أكابرهم من أهل المدينة الفقهاء السبعة الذين أدركوا أكابر الصحابة كسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر ونحوهم من أولاد الصحابة الذين أخذوا عن كبار الصحابة وأدركوا الخلفاء أو بعضهم، ومن أصاغر التابعين من رأى بعضهم حيث ذكروا أن الأعمش أدرك أو رأى أنس بن مالك فكُتب له رؤية فأصبح من التابعين.
أما تابعو التابعين: فهم الذين ما أثر أنهم رأوا أحدًا من الصحابة، ومنهم بعض كبار الأئمة كمالك بن أنس وأبي عبد الرحمن الأوزاعي ومن في طبقتهما هؤلاء من أكابر تابعي التابعين، وفيهم أيضًا من العلماء ومن الأكابر حملة العلم من أثر عنهم شيء عظيم فهؤلاء هم السلف، تابعو التابعين مضوا أو بقوا إلى قرب القرن الثالث أو أواسطه، بعدهم أتباعهم الذين ما أدركوا أحدا من التابعين، أتباع تابعي التابعين ومنهم الأئمة؛ يعني: كالبخاري ومسلم والشافعي وأحمد ونحوهم هؤلاء من أكابر أتباع تابعي التابعين.
نقول: إن أهل القرون الثلاثة هم ومن في طبقتهم هم السلف؛ وذلك لأنهم مضوا قبل مَنْ بعدهم، سلفوا يعني: مضوا، السلف معناه: المضي، سلف الشيء معناه: مضى وانقضى وانقرض. هذا سبب تسميتهم بالسلف، أنهم سلفوا؛ ولكنهم سلفوا على الاستقامة، سلفوا على العقيدة السليمة، مضوا على عقيدة مستقيمة، ليس فيهم من هو منحرف ولا مبتدع؛ إلا من هو شاذ لا يؤبه له، ومن اضطهد وأُذل وأُهين.
في هذه الفترة التي هي فترة السلف كان العلماء الأجلاء، كان من بينهم علماء الصحابة الذين حفظوا العلم، وعلماء التابعين، وعلماء تابعي التابعين، هؤلاء من السلف، وكذلك منهم العُبَّاد ونحوهم من رجال ونساء. ولا شك أنَّا إذا اعتقدنا أنهم على الصواب كانت أقوالهم قدوة.