الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
السلف الصالح بين العلم والإيمان
8898 مشاهدة
بدعة الجهمية

وفي أول القرن الثاني خرجت أيضا بدعة الجهمية، أنكر أن يكون الله تعالى متكلما، وأنكر أن يكون القرآن كلام الله، وأنكر أن يكون الله يحب من يشاء من خلقه، وأنكر أن يكون الله كلم موسى أو أنه اتخذ إبراهيم خليلا، ولما أظهر ذلك قُتِلَ في عهد السلف قتله أمير العراق خالد بن عبد الله القسري يوم العيد، وجعله بمنزلة الأضحية؛ حيث قال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذ إبراهيم خليلا، تعالى الله عما يقول الجعد ثم نزل وذبحه، كما روى ذلك البخاري في أول كتابه الذي هو خلق أفعال العباد.
ولما ظهر الجهم أنكر عليه السلف، الجهم هو الذي نسبت إليه هذه البدعة التي هي إنكار الصفات وهو الذي نشرها وتلقاها عن الجعد بن درهم ولكن كان السلف رحمهم الله على جانب من العلم وعلى جانب من الإيمان فلأجل ذلك ردوا عليه وأنكروا بدعته وشنوا على الجهمية الذين هم أتباعه.