إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
حول أركان الصلاة (لقاء مفتوح)
8551 مشاهدة
تفسير قوله: اهدنا الصراط المستقيم

بقية الفاتحة دعاء؛ إذا دعا بقوله: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ويحقق هذه الكلمة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ بعض العوام قد يفتح الهمزة من أهدنا فيقول: أهدنا، أهدنا هذا لا يجزي؛ وذلك لأنه إذا قال أهدنا فمعناه أعطنا هدية؛ وهذا يغير المعنى، اهدنا يعني: دلنا، وأرشدنا، ووفقنا إلى الصراط المستقيم، الاهتداء معناه بيان الحق يعني: بين لنا الحق، وأعنا، ووفقنا حتى نسير عليه، ونتمسك به.
والصراط هو في الأصل الطريق الواسع الذي يسير معه الناس، ولكن الصراط هاهنا طريق معنوي؛ يعني أن الناس يسيرون عليه بأعمالهم؛ وُصف بأنه صراط يعني: طريق واضح يسير الناس معه، فمن سار على هذا الطريق المستقيم نجا، ومن أخطأه ضل.
ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- له مثلا فخط خطا طويلا مستطيلا، ثم خط عن يمينه خطوطا، وعن شماله خطوطا صغيرة، يعني: من هنا مثلا عشرة خطوط، ومن هنا عشرة خطوط، فقال لهذا الذي هو مستطيل: هذا صراط الله؛ الطريق الذي يوصل إلى الجنة، وهذه الطرق الملتوية هذه سبل الشيطان، الطرق التي يدعو إليها الشيطان؛ يعني هذا شيطان يدعو إلى التهود، وهذا يدعو إلى النصرانية، وهذا يدعو إلى الوثنية، وهذا يدعو إلى الشيوعية، وهذا مثلا يدعو إلى عقيدة الجهمية، وهذا يدعو إلى بدعة المعتزلة، وهذا يدعو إلى الجبر، وهذا يدعو إلى الإرجاء، وهذا يدعو إلى الرفض، وهذا يدعو إلى التصوف.
وهذا يعني: طرق ملتوية من هنا، ومن هنا؛ من سلك واحدا منها هلك، وإذا سار على الصراط المستقيم نجا، فإنه صراط مستقيم ليس فيه اعوجاج، وليس فيه ميلان، فالطريق كلما كان صادقا ليس فيه انحراف ولا ميل؛ ففي هذه الحال يصل سريعا، وأما إذا صار فيه اعوجاجات فإنه يطول السير فيه؛ فالله وصف هذا الصراط بأنه مستقيم؛ أي: مستمر يوصل إلى الجنة.