إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح الورقات
45385 مشاهدة print word pdf
line-top
تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز

ومن وجه آخر ذكر أنه ينقسم إلى حقيقة ومجاز؛ لكن بعض العلماء أنكروا هذا التقسيم، وقالوا: إن القرآن كله حقيقة، وليس فيه مجاز.
وسبب ذلك أن المعتزلة تَوَسَّلوا بهذا إلى إنكار دلالات القرآن، وجعلوها كلها مجازا، فإذا قرءوا قول الله تعالى: مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ قالوا: هذا مجاز عن القدرة! وإذا قالوا: اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مجاز عن الملك. وإذا قالوا: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ مجاز عن التَّنَزُّه، أي: مَنْ هُوَ مُنَزَّهٌ.
وكذلك فعلوا بالأحاديث، فتسلطوا على دلالات الآيات والأحاديث، وجعلوها مجازا. وقد ناقشهم العلماء الذين هم من أهل السنة.. شيخ الإسلام رحمه الله نفى أن يكون في القرآن مجاز، ونفى أن يكون في اللغة مجاز، في رسالة له اسمها الحقيقة -في المجموع، في الجزء التاسع عشر- ذكر فيها نفي المجاز. كذلك أيضا ابن الْقَيِّمِ في كتابه الصواعق الْمُرْسَلَةُ جعل المجاز من أصنامهم التي يستدلون بها، فكسره وحطَّمَهُ، واستدل على ما يَدُلُّ على أن كلام العرب كُلَّهُ حقيقة، وليس فيه مجاز، وأن ما ادَّعوا أنه مجاز إنما هو من تَوَسُّعِ العرب في الْمُسَمَّيَات.
أما الأصوليون- وغالبا هم من الأشاعرة ونحوهم- فممتلئة كتبهم وتفاسيرهم بالمجاز، حتى جعلوا، أو تسلط كثير من أتباعهم على نفي الحقائق، وجعلوها كلها مجازا.. فسروا الحقيقة هنا بأنه ما بقي في الاستعمال على موضوع- الذي وضعه العرب له- كالأرض، مُسَمَّاها واحد، ولم يتغير اسمها، ولا يختلف أحد في أن الأرض هي هذا البساط الذي عليه الناس. والجبال مسماها واحد، ولم يقل أحد: إنها يستعمل لها كذا وكذا. والإنسان حقيقة عندهم..أنه حقيقة لهذا البشر... مِمَّا عَرَّفَهُ الآخرون بأنه ما اسْتُعْمِلَ فيما اصْطُلِحَ عليه من المخاطبة، يعني: ما وضعته العرب له، ولم يتغير بوضعه، يعني: مثل الماء، وُضِعَ لما يشرب، أو يستعمل من هذا الماء الذي ينبع من الأرض، أو ينزل من السماء، أو يكون في البحر.. حقيقة لم تتغير.
وفسروا المجاز بأنه: ما تُجُوِّز به عن موضوعه، أي: ما نُقِلَ عما وضع له، ويكثر استدلالهم ببعض الكلمات التي يقولون إنها نقلت.. مثل كلمة: الأسد، يقولون: حقيقة في الحيوان المفترس، ومجاز في الرجل الشجاع.. الرجل الشجاع يقولون: هذا أسد... أسد من أسود الله.. مع أنه إنسان.. فيقولون: هذا من المجاز؛ ولكن لا مانع من أن يسمى أسدا- ولو كان إنسانا- يعني: أنه شجاع، ويُسَمَّى كل شجاع أسدا.
وكذلك مثل قولهم للإنسان البليد: هذا حمار! تشبيها له بالبلادة فيما يشابه الحمار. يقولون: هذا مجاز عن البليد من الرجال أو ما أشبهه؛ ولكن لا مانع من أن العرب تُسَمِّيها؛ فيكون من المشترك، تكون كلمة أسد لفظة مشتركة، تُطْلَقُ على هذا، وعلى هذا حقيقة، فإن العرب تطلق كلمة واحدة على عدة معانٍ، فمثلا كلمة: العين تُطْلَقُ على العين الباصرة كما في قوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وتُطْلَقُ على العيون النابعة من الأرض كما قال تعالى: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا وتُطْلَقُ على أشياء أخر، فَتُطْلَقُ على الجاسوس أنه عين لهم، وتطلق على النقود، فيقال: العين.. يعني: النقد.
وكذلك أيضا يسمى هذا اشتراكا: كلمة واحدة تشترك فيها عدة معانٍ. ومن كلام العرب أيضا أنهم يطلقون على المسمى عدة مسميات، ويسمونها بالترادف، يعني مثلا: الآدمي، يسمونه آدميا، وإنسانا، وبشرا، وشخصا، وامْرَءًا.. عدة مسميات لمسمى واحد، هذا هو الترادف. وهناك الترادف، وهناك الاشتراك، وليس في شيء منها أن هذا مجاز؛ بل العرب لا تعرف كلمة مجاز. والحاصل: أن الأصوليين بالغوا في كلمة المجاز، فالحقيقة- يقولون- إنها لغوية، أو شرعية، أو عرفية.
فاللغوية: هي الكلمة التي بقيت على وضعها في اللغة ولم تتغير.. كلمة ناقة لغوية، اسم للأنثى من الإبل.. كلمة بقرة: اسم للأنثى من البقر.. كلمة نعجة: اسم للأنثى من الضأن.. وهكذا. الأسماء التي ما تغيرت عن وضعها في اللغة هذه يسمونها حقيقة لغوية.
وأما الحقيقة الشرعية فهي التي نقلها الشرع.. نقلها من حال إلى حال... من معنى إلى معنى، ذلك لأن الشرع تَصَرَّفَ في كثير من الكلمات، فنقلها. فعندك مثلا كلمة الصلاة، تقول:الصلاة لُغَةً: الدعاء.. والصلاة شَرْعًا: الأفعال التي أَوَّلُهَا التكبير وآخرها التسليم. كلمة الصيام لها مسمى في اللغة، ومسمى في الشرع. كلمة الإيمان، والإحسان، والشرك، والتوحيد، والحج، والعمرة، والجهاد، وأشباهها... هذه كلمات شرعية نقلها الشرع، وجعلها لِمُسَمَّيَات، فلذلك إذا شرحوها يقولون مثلا: الصيام لغة: الإمساك عن الشيء، ومنه قول الله تعالى عن عيسى أنه قال لأمه: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا أي: إمساكا عن الكلام. والصيام في الشرع: الإمساك بِنِيَّةٍ من أَوَّلِ النهار إلى آخره عن الْمُفَطِّرَات وأشباه ذلك. هذه تسمى حقيقة شرعية.
وأما الحقيقة الْعُرْفِيَّة فهي: التي يتعارف أهل البلد، أو أهل الزمان عليها، ويصطلحون عليها، وهي أيضا يُرْجَعُ فيها إلى الْعُرْفِ، فعرف أهل البلد، أو عرف أهل هذا الزمان: كذا وكذا.. ولو كان مخالفا للمسمى اللغوي. فمثلا: كلمة البعير، البعير عند العرب يعم الناقة والجمل، كل منهما اسمه بعير؛ ولكن في عرف بعض الناس أنه يختص بالجمل، فيقولون: بعير وناقة. وكلمة الشاة عند العرب اسم للواحدة من الغنم، ثم يُفَصِّلُون، فيقولون لأنثى الضأن: نعجة، ولذكر الضأن: كبش، ولأنثى المعز: عنز، ولذكر المعز تيس. وكلمة شاة تُطْلَقُ على كل واحد، ولكن عُرْفُ بعض الناس أن الشاة أصبحت اسما للنعجة الأنثى من الضأن.. هذه حقيقة عرفية... فيرجع كل قوم إلى عرفهم.
ذكر أن المجاز يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو استعارة. يقول: مَثَّلَ للمجاز بالزيادة في قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء يقول: الكاف زائدة؛ لأنها لو كانت أصلية، لكان فيها أن لله مثلا!! لأن الكاف تكون بمعنى المثل، ويكون المعنى: ليس مثل مثله شيئا.. فالكاف مجاز. والجواب: أنا ننكر أن تكون مجازا، بل نُنْكِرُ أن يكون في القرآن مجاز، وقد أَلَّفَ الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله رسالة بعنوان: نفي المجاز عن الْمُنَزَّلِ للتعبد والإعجاز يعني: القرآن.. بَيَّنَ فيها أنه ليس في القرآن مجاز. فعلى هذا تكون الكاف ليست زائدة، ولكنها للمبالغة، فإن المبالغة واضحة في الدلالة على الشيء المرادِ تأكيده.. فتكون تأكيدا، ولا يجوز أن يقال: إن في القرآن شيئا زائدا ليس له فائدة. واصطلحوا على تعريف الزائد، يقول بعض الشعراء :
وسَـمِّ مـا يُزَادُ لَغْوًا أو صِلَــة
أو قـُلْ مـُؤَكِّدًا.. فَكُلٌّ قيـل لــهْ
لكـنَّ زائـدا ولغــوًا يُجْـتَنَبْ
إطلاقُــه فـي مُنْزَلٍ فـذا وجـبْ
يعني: كلمة زائد ولغو لا يجوز إطلاقها في الْمُنَزَّلِ الذي هو القرآن، فيقال: كلام زائد، أو لغو، أو صلة، أو مؤكد.
مَثَّل للمجاز بالنقصان في قوله تعالى: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ يقولون: المراد: اسأل أهل القرية. أنكر ذلك العلماء، وابن القيم بالغ في ذلك في كتابه الذي هو الصواعق المرسلة وقال: إن القرية اسم للسكان، ليست اسما للبنيان.. هكذا جاءت لغة العرب، مثل قوله تعالى: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا هل الذي عتا البنيان أو السكان؟! السكان، فَدَلَّ على أن السكان يسمون قرية، وقوله تعالى: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ هل القوة للبنيان أو للسكان؟ هل الذي أخرجه هم السكان أو البنيان؟ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ وكذلك قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا هل هم مترفو البنيان أو مترفو السُّكَّان؟ مترفو السُّكَّان مترفوها.. والآيات كثيرة في أن السُّكَّان يُسَمَّوْن قرية، فعلى هذا: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ أي: واسأل السُّكَّان، فلا يحتاج إلى أن نقول: اسأل أهل القرية. فلا تكون من المجاز عندهم.
مثل للمجاز بالنقل بقوله :كالغائط فيما يخرج من الإنسان. يعني: أصل كلمة الغائط: اسم للمكان المنخفض، المنخفض المحفور من الأرض يسمونه غائطا.. غاط المكان. وكانوا ينتابونه لقضاء الحاجة للتخلي، فقال الله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أي من المكان الْمُعَدِّ للتخلي، ثم اصطلح العرب فيما بعد على تسمية الخارج باسم الغائط.. الخارج المستقذر يُسَمَّى غائطا..تسمية أيضا عرفية، أو تسمية لغوية..العرب تتوسع في المسميات، فلا تكون من المجاز.
مَثَّل للمجاز بالاستعارة بهذه الآية، وهي قوله: جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ وقال: قالوا: إن الجدار جماد، فكيف يكون له إرادة؟ فذلك من باب الاستعارة! فجعلوا ذلك من المجاز. والجواب أن نقول: إن لكل مخلوق إرادةً تُنَاسبه، ومن ذلك الجمادات فلها إرادة؛ ذلك لأنها مخلوقة مُتَصَرَّفٌ فيها؛ ولأنها مُسَخَّرَةٌ ومُذَلَّلَةٌ لله تعالى، فذكر الله تعالى أنها تُسَبِّحُ في قوله تعالى: وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ وقال تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وقال تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم يعني: تسجد أظلتها، وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُُّ الجبال جماد، والشجر جماد.. فذكر أنها تسجد، وإذا كانت تُسَبِّحُ وتسجد، فإن فيها حياةً معنويةً تناسبها، فلا مانع من أن يكون للجدار إرادة تناسبه يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فجعلوا هذا من مجاز الاستعارة. فعلى هذا نقول: إن الأصل في الكلام أنه حقيقة، ولا يجوز أن يُقَال:َ إن فيه مجازا لئلا يتسلط هؤلاء المعتزلة على تحريف القرآن، وجعل دلالته كلها مجازا، والله أعلم.
أحسن الله إليكم يا فضيلة الشيخ، وجزاكم الله خيرا.
الأسئـلة:
س: يقول السائل: فضيلة الشيخ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث اختصام الملأ الأعلى: رأيت الليلة ربي في أحسن صورة فهل هذه الرؤية في المنام؟ وهل رآه على صورته الحقيقية التي يراه عليها المؤمنون يوم القيامة؟
رؤية منامية..فالإنسان في منامه يتَخَيَّلَ أشياء، قد يتخيل أنه رأى ربه. قد روي أيضا عن الإمام أحمد أنه ذكر: أنه رأى ربه، وأنه أوقِفَ بين يَدَيْ ربه؛ ولكن لا يَدُلُّ ذلك على أن الله على تلك الصورة التي رآها في ذلك المقام؛ لأن الرؤية المنامية يتخيل فيها الأشياء، ما يتصور له.
س: أحسن الله إليكم. يقول السائل: فضيلة الشيخ، عندما تجلى ربنا -جلا وعلا- للجبل، هل كان تجليه -تبارك وتعالى- كما سيكون تجليه لعباده يوم القيامة؟
قد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الله احتجب بالنور، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره فَتَجَلِّيهِ أنه كشف شيئا من النور، فتصدع بذلك الجبل، فكان من آثار نوره أن اندك الجبل.
س: يقول السائل: أي فائدة عظيمة في قول الله تعالى لـ موسى يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي وبين رسالات الرسل الآخرين، وتكليم الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟
-يعني: في زمانه، على عالم زمانه، واصطفيتك على عالم ذلك الزمان بما آتيتك من هذا الكلام الذي كلمتك، وما أرسلتك به، ولا مانع في ذلك أن هناك رسلا قبله وبعده.

س: يقول السائل: أنا في بلد لا يوجد فيه مذهب أهل السنة والجماعة، فإذا تحدثت مع الناس قالوا: لقد جئت بدين جديد، فأرجو من فضيلتكم توجيهي كيف يمكن تغيير هذه الأمور؟
ننصحك بأن تنهج منهج أهل السنة، وتأخذ الكتب السلفية التي أَلَّفَهَا العلماء المتقدمون، ولا تأخذ شيئا من كتب أهل هذه الدولة حتى لا ينكروا عليك.. إذا أخذت من مشائخ هذه البلاد فإنهم قد ينكرون عليك، ولكن عليك بكتب السلف.. عندك مثلا: كتاب السنة، رسالة للإمام أحمد وكتابُ الرَّدِّ على الجهمية، رسالة للإمام أحمد والذي حققها عالم مصري يقال له: عبد الرحمن عُمَيْرَة فلا يكون فيها للسعوديين أيضا اسم. كذلك رسالة اسمها كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد طُبِعَ قديما في مصر والذي أشرف على طبعه عالم مصري، وهو محمد حامد الفقي وكذلك الرَّدُّ على الْمَرِّيسي للدارمي عثمان بن سعيد طبع قديما أيضا في مصر وكذلك رَدُّهُ على الجهمية رسالة للدَّارِمِيِّ أيضا في الرَّدِّ على الجهمية، ذكر فيها الأدلة.
وكذلك كتاب السنة لِلْخَلَّال طبع منه مجلدان، وكذلك كتاب السنة لابن أبي عاصم طبع أيضا في غير المملكة وحققه الألباني وكذلك شرح اعتقاد أهل السنة لِلَّالَكَائِيِّ فهؤلاء ليسوا حنابلة، يعني ليسوا مختصين بالحنابلة حتى لا يقال: إنهم يتعصبون لمذهبهم. وهذا الذي ذكرنا وهو الْخَلِيلِيُّ انتقد الحنابلة حتى المتقدمين، حتى ابن بَطَّة ابن بطة الذي هو: عُبَيْدُ الله بن عبد الكريم عالم من السلف، له كتاب الإبانة الصغرى، وكتاب الإبانة الكبرى؛ ولكنه حنبلي، فطعن فيه!! وقال: إنه مجروح، وإنه مُشَبِّهٌ !! وإنه.. وإنه ! ونقل كلاما لابن حجر في انتقاده عليه شيئا واحدا، يعني: في رواية بعض حديث، وكونه مثلا أخطأ في كلمة لا يتمشى ذلك على أخطائه، أو على جميع كتبه التي حققها العلماء، وذكروا دلالتها الواضحة. كتاب الإبانة.
وكذلك أيضا كتب كثيرة للسلف إذا قرأها القارئ عرف دلالتها على الخير. كذلك أيضا شرح ابن أبي الْعِزِّ الطحاوية، شرح الطحاوية المعروف، الطحاوي حنفي، وابن أبي العز أيضا حنفي؛ ولكنه من أهل السنة، تقيد بمذهب أهل السنة. فإذا أتيتهم بهذه الكتب لا يستطيعون أن يردوا عليك، ولا أن يقولوا: جئتنا بشيء جديد.. تقول: هذه كتب السلف، وهذه كتب العلماء، فهل هؤلاء كلهم ضَالُّون؟!
أما الحنابلة فإنهم لا يقبلون منهم، حتى ابن تيمية وابن القيم مع شهرتهما ومكانتهما لا يقبلون منهما!! ولا يزال هناك من يطعن في ابن تيمية وابن القيم تلامذة الْكَوْثَرِيِّ المصري ..لا يزالون؛ لأنه يُكَفِّرُ ابن تيمية ويُضَلِّلُ ابن القيم ويستبيح لعنه وسَبَّهُ. وقد ناقشه العلماء وبَيَّنُوا أخطاءه في ذلك.. كذلك تلامذته .
س: يقول السائل: يظهر عندنا في بلدنا دعوة الناس لحضور الزواج الفلاني عبر ميكروفون المسجد، وكذلك إذا مات شخص، وكذلك تُنْشَدُ الضالة، فما الحكم في ذلك؟ أفتونا - وجزاكم الله خيرا -.
لا يجوز في المساجد.. هذه أمور تتعلق بالدنيا، يجوز خارج المسجد، لو خرج عند باب المسجد، ثم صوت بقوله: إن فلانا عنده حفل زواج، وهو يدعوكم يوم كذا وكذا.. أو مَنْ وجد ضالة كذا وكذا. فأما إنشاد الضالة فلا يجوز، قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من سمعتموه وهو ينشد ضالته فقولوا: لا ردها الله عليك .
وأما الإخبار بموت أحد الأقارب، أو أحد المسلمين؛ فلا بأس بذلك في المسجد حتى يتفقوا في الصلاة عليه، يقول: أخوكم فلان تُوُفِّيَ، وَيُصَلَّى عليه في مكان كذا وكذا.. لا مانع من ذلك؛ لأن هذا دعوة إلى أجر، يشتركون في الصلاة عليه، ويحصلون على الأجر .
س: يقول السائل: هناك بلد يُسَلِّمُون التسليمتين في صلاة الجنازة، فما الحكم ؟
رُوِيَ ذلك عن بعض العلماء، لا ينكر في مسائل الاجتهاد.
س: يقول السائل: دخلت مسافرا ... ركعتين في جماعة يصلون العشاء، وهم في الركعة الثانية ولم أُصَلِّ المغرب بعد، فدخلتُ معهم بِنِيَّةِ المغرب، وصليت الثلاث ركعات، ثم بعد السلام صَلَّيْتُ العشاء، فهل عملي هذا صحيح؟ علما بأني لم أجلس للتشهد الثاني؛ لأنها الثالثة بالنسبة لهم، وأنا أنوي أن أجمع؟
في شأن العلماء يمنعون من ذلك، العلماء مشايخنا الأولون؛ لكن رَخَّص في ذلك بعض المشايخ كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وحيث إن هناك من رَخَّصَ في ذلك، فلعله قريب به.
س: يقول السائل: كنت في سفر، فدخلت مع جماعة يصلون العشاء، فدخلت معهم، وصليت العشاء، ثم صليت المغرب بعد ذلك، فهل في ذلك حرج؟
نعم، لا يجوز تقديم العشاء على المغرب، لا بد من ترتيب الصلوات كما أمر الله تعالى بها، وحيث إنك فعلت، فإنا نعتبر صلاتك المغرب قضاء؛ لأنها صُلِّيَتْ بعد العشاء، فتعتبر قضاء لا أداء، ولا نأمرك بالإعادة .
س: يقول السائل: هل يجوز أن نطعم في كفارة اليمين خمسة مساكين وجبتين بدلا من عشرة، وفي غيرها من الكفارات ما كان لشخصين أجعله لشخص واحد وجبتين؟
يجوز ذلك، حتى أجاز شيخ الإسلام لو أطعم مسكينا واحدا عشرة أيام، قام مقام إطعام عشرة مساكين، فكذلك إذا أطعم خمسة مساكين يومين، أو نحو ذلك.
س: يقول السائل: هذه فتاة صغيرة مثل ما يرى أبو حنيفة ...فقط حدث أن قاءت على ثوبي، ثم دخلت الصلاة ناسيا ذلك، ثم تذكرت أثناء الصلاة؛ ولكنني أتممت صلاتي. فهل يجوز عملي هذا؟ وهل القيء نجس مطلقا؟
في الأصل أنه نجس إذا كان مُتَغَيِّرًا.. إذا تغير القيء برائحته، أو بلونه بأن انقلب اللبن إلى أصفر أو أسود، فإنه يصير نجسا، وأما إذا كان باقيا على لونه وبياضه، فالأصل أنه طاهر وتصح صلاتك.
س: يقول السائل: رجل أحرم في شهر رمضان للحج! فهل حجه هذا جائز، أم عليه أن يتحلل من العمرة إلى أن تأتي أشهره ؟
لا...عليه مشقة، يعني: أن يبقى شهرين وعشرة أيام وهو بإحرامه، فإن في ذلك مشقة؛ لأنه لا يحصل تمام الحج إلا بالوقوف يوم عرفة فلذلك نقول له: يتحلل بعمرة، ثم يُحْرِمُ بالحج وقتا يمكنه التحمل.
س: السؤال الأخير يقول: بعض الناس يقولون: بدأت من أسفل القرآن أو من أعلى القرآن، هل يجوز أن يقال: إن القرآن له أسفل وأعلى؟ وجزاكم الله خيرا.
يجوز أن يقال: له أول وآخر، بدأت من أوله يعني: من الفاتحة، أو بدأت من آخره يعني: من المعوذتين، وأما كلمة أسفل وأعلى فإنها مستبشعة .

line-bottom