من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح الورقات
38711 مشاهدة
الأمر بالشيء نهي عن ضده

يقول: الأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده، وإذا ذُكِرَ الضد فإن ذلك يكون للتأكيد، فإذا قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ فهذا نهي عن الشرك، أي: أَخْلِصُوا له الْعِبَادَة. وكذلك إذا قال: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كأنه قال: لا تزعموا.. ولا تعبدوا غيره. فالنهي في قوله: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ نهي عن ضده، مع أنه اقتصر على قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وكفى، أي: أخلصوا له العبادة؛ ولكن جاء في قوله: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا للتأكيد. ومنه قول الله تعالى في آية الحقوق العشرة: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا فأمر بعبادة الله، ثم بعد ذلك نهى عن الشرك، مع الاكتفاء، لو قال: اعبدوا الله، لكان معناه: اعبدوه وحده، ولكن أكد ذلك بقوله: وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ليدل على أنه يستدعي النهي عن ضده. كذلك قول الله تعالى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ما ذكر هنا التوحيد، نهى عن الشرك، فالنهي عن الشرك أمر بالتوحيد. وكذلك النهي مثلا عن الزنا أمر بالتعفف، أمر بالعفاف. والأمر مثلا بالنكاح نهي عن السفاح، إذا أمر الله بالنكاح في قوله: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ و مَا طَابَ لَكُم وكذلك النهي عن القتل أمر بالإحياء، يعني: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ يعني: كأنه قال: اتركوا المسلمين، ولا تقتلوهم ولا تقاتلوهم فإن الله حرم عليكم قتالهم. فالنهي عن الشيء أمر بضده، يعني: النهي عن الشرك أمر بالإخلاص، والأمر بالإخلاص نهي عن الشرك.