الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح الورقات
33944 مشاهدة
الإجماع في الأمم السابقة

إجماع هذه الأمة حجة دون غيرها، حجة على سبيل القطع.
ذكر قوله عن الحديث في قوله -صلى الله عليه وسلم- لا تجتمع أمتي على ضلالة والشرع ورد بعصمة هذه الأمة، أن هذه الأمة معصومة عن الخطأ، روي أنه قيل للشافعي إن في القرآن آية تدل على أن الإجماع حجة، ثم إنه قرأ القرآن، وأخذ يردده مرارا قيل: إنها عشرات المرات أو مئات المرات إلى أن وقف على أو تدبر في دلالة قول الله تعالى في سورة النساء: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى فجعل هذه دلالة على أن إجماع الأمة حجة.
الإجماع حجة على العصر الثاني، يعني: إذا كان القرن الأول -الصحابة وتلاميذههم- مجمعون على أمر، ثم جاء الخلاف في القرن الثاني فنقول: أنتم أيها المخالفون مسبوقون بإجماع، فمثلا أهل القرن الأول مجمعون على أن القرآن كلام الله، حدث في القرن الثاني قول المعتزلة أو الجهمية أنه مخلوق، فقلنا: أنتم أيها المبتدعة مسبوقون بإجماع أهل القرن الأول الذين لم يقولوا إن القرآن مخلوق؛ بل يقرءونه ويعترفون بأنه كلام الله فقولكم باطل، فالإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان، إذا حدث أمر في القرن الرابع مثلا ولم يكن موجودا في القرون التي قبله فإنه مبتدع، في القرن الرابع –مثلا- ابتدع بعضهم صلاة الرغائب فقلنا: هذه حادثة فلا يلتفت إليها؛ وذلك لأنها لم تكن معروفة في القرون الثلاثة، كذلك بدعة الرافضة في المأكل الحزن في قتل الحسين إنما كان في القرن الرابع؛ فيقال إن هذا لم يكن معروفا في القرون الثلاثة، فأجمعت الأمة على عدم فعله؛ فأنتم أيها الرافضة مسبوقون بالإجماع فقولكم باطل، .. العصر، الصحيح أنه لا يشترط، ومعنى ذلك أنه إذا اتفق الصحابة –مثلا- خمسين سنة أو سبعين سنة على قول من الأقوال على حكم من الأحكام، وحدث مخالف أو تجدد خلاف قبل أن يموت الصحابة؛ بقية الصحابة .. وحدث من خالفهم؛ فإن إجماعهم حجة ولا يعتبر خلاف هذا الذي خالف، ولو كان قد بقي من الأولين أحد فلا يشترط انقراض عصر الصحابة ولا انقراض أهل العصر.