القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
42817 مشاهدة print word pdf
line-top
آية الإيمان حب الأنصار وبغضهم آية نفاق

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: آية الإيمان حب الأنصار وبغضهم آية نفاق.
عن البراء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار: لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق. من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله .


الأنصار هم أهل المدينة الذين أسلموا في المدينة وسموا أنصارا؛ لأنهم نصروا الله ورسوله، نصروا المؤمنين لما بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في العقبة بمكة قالوا: إنا ننصرك كما ننصر أهلينا وأبناءنا وأموالنا، فسماهم الأنصار، وهم قبيلتان بالمدينة من العرب من الأوس والخزرج؛ قبيلتان كانوا في المدينة وكان عندهم قبائل من اليهود؛ قبيلة بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة.
فكان اليهود أهل كتاب وعندهم علم بأن النبي صلى الله عليه وسلم سوف يخرج، ولكن يتحرون أن يكون منهم، فكانوا يتوعدون الأنصار ويقولون: قد أظلكم زمن نبي وسوف نقاتلكم معه، فدائما وهم يتوعدون الأنصار.
فلما كثر توعدهم ودعاهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عرفوا صفاته، وقالوا: هذا هو النبي الذي يتوعدنا به اليهود، فهلموا فلنؤمن به قبل أن يؤمنوا ولنكن من السابقين، فسبقوا إلى الإيمان به، وبايعوه، والتزموا أن ينصروه، وطلبوا منه أن يهاجر إليهم، وإذا هاجر أن ينصروه مما ينصرون منه أبناءهم ونساءهم؛ فسماهم النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار، ولما هاجر إليهم المهاجرون واسوهم بأموالهم، وقالوا: نحن نشتغل في الأموال والثمرة بيننا وبينكم، فكانوا يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، فزكاهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بأنهم من أنصار الله تعالى، وبأن من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله. لا يحبهم حبا قلبيا إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق.
اشتهر فيهم رواة حديث كثير، واشتهر فيهم رؤساء كثير؛ فمنهم سيد الأوس سعد بن معاذ ومنهم سيد الخزرج سعد بن عبادة وأسيد بن حضير من الأوس، جعفر بن عبد الله من بني سلمة، أنس بن مالك أبو سعيد الخدري الأنصار كثير؛ هؤلاء من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغصه الله.

line-bottom