إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
32892 مشاهدة
بيان الوسوسة في الإيمان وما يقول من وجدها

قال رحمه الله: باب .. بالإيمان والاستعاذة بالله من وسوسة الشيطان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس يسألونك عن العلم، حتى يقولوا: هذا الله خلقنا فمن خلق الله؟ قال -وهو آخذ بيد رجل- فقال: صدق الله ورسوله، قد سألني اثنان وهذا الثالث. أو قال: سألني واحد وهذا الثاني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟ قال: فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا: يا أبا هريرة هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفه فرماهم به ثم قال: قوموا قوموا، صدق خليلي صلى الله عليه وسلم.‏


هذا يسمى الوسوسة، يعني إما أن الشيطان يوسوس لهم، وإما أنهم يوسوسون للناس ويشككونهم.
نقول: إن الله تعالى هو خالق الخلق، يعتقد المسلمون أنه سبحانه هو الأول ليس قبله شيء، وأنه لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وأنه لم يسبق بعدم، وأنه هو الخالق لكل شيء، لم يكن قبله شيء، ولم يحتج إلى شيء، فلا يجوز أن يقال: من خلق الخالق؟ الله تعالى هو الخالق لكل شيء كما أخبر عن نفسه.
فإذا جاء الشيطان إلى أحد ووسوس إليه وقال: من خلق ربك؟ فليستعذ بالله وليقل: أعوذ بالله فإن الله هو الخالق وحده. وهو الأول وليس قبله شيء، وهو القديم الذي ليس لوجوده بداية، وليس له نهاية، ولم يسبق بعدم.
وكذلك صفاته قديمة، وكذلك كلامه لا بداية له ولا نهاية، والدليل أن الله تعالى أخبر عن كلامه بقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ يقول ابن القيم وكيف تنفد كلمات الله وهي ليس لها بداية ولا نهاية، والبحار لها بداية ونهاية؟ يقول: لو جعلت أشجار الدنيا من أولها إلى آخرها كلها أقلام، وجعلت البحار ومعها سبعة أمثالها كلها حبر ومداد، فكتب بتلك البحار وكتب بتلك الأقلام لتكسرت الأقلام، ولفنيت البحار قبل أن يفنى كلام الله.
ذلك لا شك دليل على أنه ليس له نهاية، وليس له بداية، فلذلك يدفع الإنسان الوسوسة التي تخطر بباله، ويستعيذ بالله ويقول: آمنت بالله، آمنت بأن الله تعالى هو الخالق، وأنه هو الذي أوجد جميع هذه المخلوقات، وأنه لم يكن له خالق ولم يسبق بعدم، فإذا سأل أحد عن مثل ذلك يصده ويأمره بالاستعاذة بالله من الشيطان.