شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
الإيمان يمان والحكمة يمانية
قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: الإيمان يمان والحكمة يمانية.
عن أبي هريرة اسم> رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رسم> جاء أهل اليمن اسم> هم أرق أفئدة وأضعف قلوبا. الإيمان يمان والحكمة يمانية السكينة في أهل الغنم والفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر قِبل مطلع الشمس متن_ح> رسم> .
وعن جابر بن عبد الله اسم> رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم> غلظ القلوب والجفاء في المشرق، والإيمان في أهل الحجاز متن_ح> رسم> .
اليمن اسم> هو ما كان جنوب مكة اسم> أو وراء الطائف اسم> كل هذا من اليمن اسم> إلى نهاية البلاد اليمنية. ذكر في هذا الحديث فضيلة أهل اليمن اسم> ؛ وذلك لأنهم استجابوا للدعوة ولم يقاتلوا، ولما جاءهم الدعاة إلى الإسلام استجابوا، ودخلوا في أول مرة؛ في أول دعوة دخلوا في الإسلام، وبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم الدعاة؛ فبعث إليهم معاذ بن جبل اسم> فاستجاب له من وصله، ثم بعث أبا موسى اسم> وأبو موسى اسم> من أهل اليمن اسم> ثم بعث عمار بن ياسر اسم> وسلمان اسم> كلهم دعاة، وتفرقوا في اليمن اسم> لسعة البلاد وصاروا يعلمون الناس، وكل من دعوه استجاب ولم يتلعثم، ولم يقولوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة، ولم يتمسكوا بعادات آبائهم؛ فدل ذلك على رقة في قلوبهم، وعلى تقبل منهم.
جاء وفد منهم إلى المدينة اسم> رسم> فدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وجاءه قوم من بني تميم فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم. قالوا: بشرتنا فأعطنا. متن_ح> رسم> -هكذا عادة في الجفاة- رسم> فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن اسم> إذ لم يقبلها بنو تميم. فقالوا: قد قبلنا. جئناك لنسألك عن أول هذا الأمر متن_ح> رسم> ثم لما وفدوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> جاءكم أهل اليمن اسم> أرق قلوبا وألين أفئدة متن_ح> رسم> ؛ يعني: أنهم تدخل الموعظة إلى قلوبهم؛ لرقتهم ولينهم وليس في قلوبهم شيء من النظرة ولا من القسوة، ثم زكاهم بقوله: رسم> الإيمان يمان والحكمة يمانية متن_ح> رسم> الإيمان يعني: الأصل أنهم فيهم الإيمان، وفيهم الحكمة التي هي الحكمة كلام قيم لطيف.
والحاصل أنه زكاهم بهذه الأحاديث. كذلك ذكر أيضا غيرهم بقوله: رسم> إن السكينة في أهل الغنم متن_ح> رسم> يعني: رعاة الغنم من البوادي السكينة فيهم، والجفاء وغلظ الطبع في الفدادين، أصحاب الإبل من حيث يطلع قرن الشمس؛ أي: من حيث المشرق ويشير إلى العراق اسم> أنه مشرق المدينة اسم> أي: أنهم أهل جفاء وأهل غلظ؛ طباعهم غليظة وقلوبهم قاسية. لا يستجيبون للدعوة لأول مرة. الإيمان الذي وصف به هؤلاء يراد به التصديق والعمل الصالح، ومن كان كذلك فإنه من أهل الإيمان، وكذلك أيضا عادة أن رعاة الغنم يكون فيهم شيء من التواضع، ومن السكينة ومن التقبل والإقبال، وأن أهل الإبل يفتخرون بإبلهم، ويعتزون ويظهرون التكبر والإعجاب؛ فلذلك قال: إن فيهم غلظ الطبع وفيهم الكبر وفيهم الخيلاء.
ثم ليس هذا مصدر الجهل؛ فكثيرا ما يكون في أهل اليمن اسم> جهل ومعاص وبدع، وكثيرا ما يكون في أهل الغنم أيضا شيء من الجفاء ومن القسوة، ومن الجهل أو التجاهل ومن المعاصي، وكثيرا ما يكون في أهل الإبل إيمان ودين وتقبل، ولكن كأنه يذكر أن هذا هو الأغلب والأكثر، وأنه يوجد ما هو مخالف لذلك أحيانا، والتزكية في أهل الحجاز اسم> في ذلك الوقت؛ يعني أن الأغلب أنهم تقبلوا وأسلموا، وأن أهل المشرق بقي فيهم شيء من الجفاء ومن رد الرسالة.
مسألة>