إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
45454 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان يأرز إلى المدينة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: الإيمان يأرز إلى المدينة .
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها .


هكذا جاء هذا الحديث في فضل المدينة يأرز: يعني يرجع إلى المدينة الإيمان الصحيح يأرز يعني: لو ذهب فإنه يرجع، كما تأرز الحية إلى جحرها. الحية تذهب بعيدا ثم ترجع وتدخل في جحرها، فكذلك الإيمان، لو قدر مثلا أنه خرج من المدينة أناس من أهل الإيمان فلا بد أن يرجع بدلهم، وهذا تزكية لأهل المدينة والمراد بهم الحاملون حقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم أي: لا بد أن يكون فيها علماء، وأن يكون فيها مؤمنون، وأن يكون فيها أتقياء وعباد وصالحون، ولا تخلو في وقت من الأوقات من أن يكون فيها من يدعو إلى الله ومن يعلم الشريعة ومن يعلم الدين.. وهكذا.
ومن تتبع أخبارها وجد الأمر كذلك من العهد النبوي إلى هذا الزمان، أن المدينة لها مزية في أن أهلها فيهم علماء وفيهم عباد وفيهم زهاد، ولا ينفي أن يوجد فيهم منافقون وعصاة ونحوهم ولذلك قال الله تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ فدل على أنه يوجد في المدينة منافقون، يوجد فيها روافض، يوجد فيها عصاة، يوجد فيها مذنبون، ولكن هناك فيها علماء وزهاد وعباد وأهل العبادة وأهل العلم، وفيها المسجد النبوي الذي تشد إليه الرحال، وهو ثاني المساجد التي تشد إليها الرحال، الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام .
وفيها أيضا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه، وقبور الصحابة في البقيع وقبور الشهداء، وفيها مسجد قباء الذي أنزل الله فيه قوله تعالى: لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا نزلت في رجال بمسجد قباء وبكل حال فالمدينة لها مزية وشرف؛ ولذلك فضلها الله بأن جعلها مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم وليست أفضل من مكة ؛ لأن مكة هي قبلة المسلمين القبلة التي يتوجه إليها المسلمون.
أما الحديث الذي يرويه بعض الصوفية أو النساك ونحوهم الذي فيه: (اللهم كما أخرجتني من أحب البلاد إلي فأسكني في أحب البلاد إليك). فهذا لم يثبت، حديث ضعيف، ولا شك أن كلا مكة والمدينة من أفضل البلاد، حرم الله تعالى مكة وحرمها إبراهيم وحرم النبي صلى الله عليه وسلم كذلك المدينة وجعلها حرما يحرم فيها القتال، ويحرم فيها قطع الشجر وما أشبهه.

line-bottom