إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
32887 مشاهدة
بيان أنه لاَ يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَأَنّ محمدا رَسُولُ اللّهِ فَيَدْخُلَ النّارَ أَوْ تَطْعَمَهُ

عن مَحْمُودُ بْنُ الرّبِيعِ رضي الله عنه، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عِتْبَانَ فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ. قَالَ: أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشّيْءِ، فَبَعَثْتُ إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّي أُحِبّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلّيَ فِي مَنْزِلِي فَأَتّخِذَهُ مُصَلّى. قَالَ: فَأَتَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ شَاءَ الله مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ وَهُوَ يُصَلّي فِي مَنْزِلِي وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدّثُونَ بَيْنَهُمْ، ثُمّ أَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ وكبْرَهُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دُخْشُمٍ قَالُوا: وَدّوا أَنه دَعَا عَلَيْهِ فهلك، وَوَدّوا أَنّهُ أَصَابَهُ شَيء، فَقَضىَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الصّلاَةَ. وَقَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَأَنّي رَسُولُ اللّهِ؟ قَالُوا: إِنّهُ يَقُولُ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي قَلْبِهِ. قَالَ: لاَ يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَأَنّي رَسُولُ اللّهِ فَيَدْخُلَ النّارَ، أَوْ تَطْعَمَهُ .
قَالَ أَنَسٌ فَأَعْجَبَنِي هَذَا الْحَدِيثُ فَقُلْتُ لاِبْنِي: اكْتُبْهُ. فَكَتَبَه.


هذا أحد الصحابة عتبان بن مالك صحابي من الأنصار، كان يصلي بقومه كإمام، ضعف بصره، وكان بينه وبين قومه مسافة، خشي أنه يحول بينه وبينهم سيل مثلا أو ظلمة فيشق عليه، يقول: فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوره فيصلي في منزله حتى يتخذ ذلك المكان مصلى، فجاءه بعدما ارتفع النهار هو وبعض أصحابه فلم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلي في بيتك؟ فأشار إلى ناحية، فقاموا وصفوا وراء النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بهم ركعتين ثم انصرف.
وكان قد اجتمع في البيت بعض جيرانه، وصاروا يتكلمون في بعضهم. كأنهم يتكلمون في بعض من عندهم شيء من الشك في إيمانهم، ومنهم مالك بن الدخشم -أو الدخيشم- اتهمه بعضهم بأنه منافق.
سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله موقنا بها قلبه؟ إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه .
وهذا أيضا من أحاديث الوعد التي فيها الدلالة على أن أهل لا إله إلا الله الذين يقولونها بقلوب خالصة؛ بقلوب صادقة صافية؛ أن الله تعالى ينقذهم من العذاب، وأنه لا يعذبهم، وما ذاك إلا أنهم إذا علموا بمعنى لا إله إلا الله، وأخلصوا في معناها فإنهم يوحدون الله، ويخلصون له العبادة، ويصرفون له جميع أنواعها، ويصدون بقلوبهم عن الآلهة التي كانوا يعبدونها، ويطيعون الله بكل أنواع الطاعة، ولا يعصونه طرفة عين، فيكونون من أهل الجنة، يحرمهم الله على النار.