شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
43389 مشاهدة print word pdf
line-top
لا يدخل الجنة إلا المؤمنون

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا؛ أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم .


هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالوسيلة إلى دخول الجنة: لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا معلوم أن الإيمان هو: الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر، وكذلك العمل لليوم الآخر ولما بعد الموت، وكذلك أداء العبادات وما أشبهها فإنها من الإيمان؛ من حقيقة الإيمان، ومن آثار الإيمان، ومن خصال ومن شعب الإيمان؛ فلا بد منها في دخول الجنة؛ أي: لا تدخلون الجنة إلا بعد أن تعملوا الأعمال الصالحة التي هي من ثمرات الإيمان.
ثم ذكر من ثمرات الإيمان التواد والتحاب فيما بين المسلمين: لا تؤمنوا حتى تحابوا أي: لا تكونون حقا مؤمنين حتى تحابوا؛ أي: حتى يحب بعضكم بعضا في ذات الله تعالى، والمحبة هاهنا محبة قلبية؛ أي حتى يحب بعضكم لأخيه ما يحب لنفسه، وحتى يحرص على خصال الخير الذي هو ثمرة هذه المحبة؛ كأنه يقول:
إن هذه المحبة التي أنتم مأمورون بها هي ثمرة من ثمار الإيمان. فالمؤمنون حقا يحبون الله تعالى، وإذا أحبوا الله أحبوا كل ما يحبه الله، فأحبوا الصالحات وأحبوا الصالحين، وأحبوا الأولياء والأتقياء، وأحبوا كل من يحبهم الله وكل من يحبون الله؛ وذلك لأن الله تعالى يحبهم. فهم يحبون أحباب الله ومحب المحبوب محبوب، فلا يكون الإنسان مؤمنا حقا إلا إذا أحب المؤمنين في الله، لماذا يحبهم؟ يحبهم لأن الله يحبهم؛ يحبهم لأنهم يحبون الله، يحبهم لأنهم عملوا الصالحات؛ يحبهم لأنهم تركوا المحرمات؛ يحبهم لأنهم أطاعوا الله وأطاعوا الرسول، فلا يكون مؤمنا إلا من أحب عباد الله الصالحين.
ثم ذكر وسيلة من وسائل المحبة: ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم السلام: تحية المؤمنين التي أمر الله بها، قال الله تعالى: فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ أي: على إخوانكم أهل تلك البيوت، وقال تعالى: لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا فالسلام تحية المؤمنين التي جاء الإسلام بها، وهي كلمة دعاء. إذا قلت: السلام عليكم؛ فكأنك تدعو؛ تدعو لهم تقول: أدعو لكم بالسلامة، أدعو لكم بأن يسلمكم الله، أدعو لكم بأن تسلموا من الآفات، وتسلموا من المصائب، وتسلموا من الأذى، وتسلموا من العقوبات، وتسلموا من المعاصي والمحرمات. فإذا سلمتم بذلك فإنكم قد سلمتم من الشرور، وسلمت لكم الحياة الصحيحة، وسلمت لكم عقولكم وسلم لكم دينكم؛ هكذا معنى السلام.
فهذه التحية تحية المؤمنين ورد فيها أحاديث كثيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يحث على السلام، ويقول في الحث على ذلك: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف أي: ممن هو من المسلمين، وأخبر بأن رد السلام من حقوق المسلمين: للمسلم على المسلم ست: إذا لقيته تسلم عليه إلى آخره، وقال: إذا دخل أحدكم فليسلم، وإذا خرج فليسلم؛ فليست الأولى بأحق من الثانية وأمر بأن يسلم الراكب على الماشي، ويسلم القليل على الكثير، ويسلم الماشي على الجالس؛ يعني بهذا يبدأ.
ونهى عن التهاجر وقال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام كان كثير من العلماء والعباد يحرص على أن يبدأ من لقيه بالسلام لهذا الحديث: خيرهما الذي يبدأ بالسلام فمتى أفشى المسلمون السلام فيما بينهم حصل منهم المودة والمحبة.

line-bottom