الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
34008 مشاهدة
الحديث المدبج

وَما رَوى كلُّ قرينٍ عن أخِهْ مُدبَّج فاعرِفـهُ حَقـا وانتَخِه
الحديث المدبَّج:
قوله:
(وَما رَوى كلُّ قرينٍ عن أَخِه... مُدبَّج فاعرِفهُ حَقا وانتَخِهْ).


وأما (المُدَبَّجُ) فهو أن يروي الراوي عن زميله، وتسمى رواية الأقران، وهم الذين يشتركون في زمن واحد وفي أُستاذ واحد، ويشتركون في الرواية عن شيخ فيسمون أقرانا ، مثل محمد بن بشار ومحمد بن المثنى زميلان، فسِنُّهُما متقارب، وهما تلميذان لمحمد بن جعفر المسمى بغندر، فيُقال فيهما قرينان، فإذا روى محمد بن بشار عن ابن المثنى فهذا هو المدبج، أي: أن يروي الزميل عن زميله حديثا، والزميل الثاني يروي عن زميله محمد بن بشار عن محمد بن المثنى، ثم روى محمد بن المثنى عنه حديثا آخر، يعني: روى هذا حديثا وهذا حديثا، فمثلا الإمام أحمد زميل ليحيى بن معين ومع ذلك قد روى يحيى عن أحمد وروى أحمد عن يحيى، حيث وجد أحمد عند يحيى أحاديث ما حصل عليها من مشايخه الذين لقيهم وسافر إليهم، ووجد يحيى أحاديث عند أحمد ولم يدرك مشايخه الذين روى عنهم أو روى عنهم غيرها، فقال يحيى حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدّثنا محمد بن جعفر مثلا، وقال أحمد: حدّثنا يحيى بن معين، حدّثنا وكيع بن الجراح، فهذا هو المدَبَّجُ.
رواية الأقران:
أما لو روى واحد عن الثاني ولم يرو الثاني عن الأول فإنه يسمى أقرانا، فالأقران رواية واحد عن قرينه، فإذا روى كل منهما عن زميله أصبح اسمه مدبجا، أي: أن هذا وجد أحاديث عند شيخ له ما وجدها الآخر عند شيخه.
فمثلا إذا كان عندنا الزميلان: عبد الإله ومحمد، زميلان في الوقت الواحد، ولكن عبد الإله اتصل بمشايخ حدَّث عنهم وما اتصل بهم محمد، فاحتاج محمد أن يروي تلك الأحاديث عن عبد الإله، فيقول: حدثنا عبد الإله عن شيخه فلان، وعبد الإله وجد أحاديث عند محمد عن مشايخ قد أدركهم ولكن ما روى عنهم تلك الأحاديث، فاحتاج أن يرويها عنهم بواسطة، فيقول: حدّثني زميلي محمد، عن شيخه فلان، وهو شيخهما، لكن ما استطاع أن يأخذ عنه هذا الحديث، أي أن كليهما قد أخذ عن ذلك الشيخ، ولكن محمد وجد عند ذلك الشيخ أحاديث ما بحث عنها عبد الإله، فلأجل ذلك انفرد بها، ولما سمعها عبد الإله عن زميله قال: فاتتني عن شيخي، فآخذها منك أي آخذها عن شيخي بواسطتك، وكذلك محمد وجد أحاديث عند عبد الإله عن شيخهما أيضا فقال: فاتتني تلك الأحاديث عن شيخي ما سمعتها منه، لكن آخذها منك وأرويها بواسطة زميلي للحاجة، فينزل درجة، فيقول: حدّثنا عبد الإله عن شيخنا فلان.