الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
الحديث المدرج
و(المُدرَجاتُ) في الحـديـثِ ما أَتتْ | منْ بعضِ أَلفاظِ الرُّواةِ اتصلـت |
فقوله:
(والمدرجات في الحديث ما أتت...من بعض ألفاظ الرواة اتصلت).
(المدرج): هو ما أُضيف إلى الحديث من غيره، من كلام الرواة مما ليس بمرفوع، أُضيف للحديث، وجُعِل منه وأُوهِم أَنه من الحديث، وليس منه، فيسمى مدرجا ، كأَنه أَدرجه في ضمن الحديث أحد الرواة، وقد يُعرَفُ المدرج بمجيئه من طريق أُخرى مصرَّحا به، أو مجيء الحديث ناقصا من طريق أُخرى ليست فيها تلك الزيادة، فيعرف أنه مدرج، أو كونه لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك حديث رواه أبو هريرة اسم> أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رسم> للعبد المملوكِ الصَّالحِ أجران والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله، والحج، وبرٌّ أُمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك متن_ح> رسم> فآخر الحديث يٌفهم منه أَنه ليس من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه قال: وبر أُمي. فدلَّ على أَن هذا من كلام أبي هريرة اسم> قال: لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أنني مملوك فآخر الحديث يسمى مدرجا مضافا إلى الحديث وليس منه.
وكذلك إذا كان أيضا فيه نقص، مثل حديث ابن مسعود اسم> رسم> الطِّيَرَةُ شِرْك، الطِّيرَةُ شرك متن_ح> رسم> - وما منا إلا .... ولكن الله يذهبه بالتوكُّل - فآخره مدرج وهو قوله: وما منَّا إِلاَّ ... إلخ فليس هو من الحديث؛ لأنه معلوم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يقع في شيء من الطيرة مع كونها شركا، فدل على أنه مدرج من كلام الراوي.
وقد يكون الإدراج في آخر الحديث وهو الأغلب، كما في هذين المثالين، يعني: يتكلم الراوي بكلمة فيفهمها أو يسمعها تلميذه فيعتقد أنها من ضمن الحديث فيرويها، وقد تكون في أول الحديث، مثاله حديث أبي هريرة اسم> رسم> أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار متن_ح> رسم> فقوله: أسبغوا الوضوء هذا من كلام أبي هريرة: اسم> ويلٌ للأعقاب من النار هذا هو المرفوع؛ حيث ذكروا أن أبا هريرة اسم> رأى أناسا يخففون الوضوء فقال: أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار، سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعتقد أحدهم أن قول: سمعتُه عامٌ لقوله: أسبغوا الوضوء وما بعده فرواه كذلك، والصحيح أن المرفوع إنما هو آخره، وهو قوله: ويل للأعقاب من النار . ومثله حديث ابن عمر اسم> في سترة المصلي، وهو قوله: لا تُصل إلا إلى سُترة رسم> ولا تدع أحدا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله فإن معه القرين متن_ح> رسم> قوله: لا تصل إلا إلى سترة، هذا على الصحيح مُدْرَجٌ، وإِنَّما المرفوع قوله: رسم> لا تدع أحدا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله، فإِنَّ معه القرين رسم> هذا هو أصل الحديث الذي اقتصر عليه المخرجون الأُول كمسلم اسم> في ( صحيحه ) ، وأحمد اسم> في ( مسنده ) ، وابن ماجه اسم> في ( سننه ) ، لم يرووا إلا قوله: ...فلا يدع أحدا يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين فقوله: لا تصل إلا إلى سترة، هذا مدرج ولو صححه الحاكم اسم> وغيره.
والحاصل أن المدرج هو الذي يُجعلُ من ضمن الحديث وليس منه، بل من كلام الراوي، وأنه يتميز بجمع الطرق، ومعرفة أَنه قد صَّرح فيه بأنه ليس من أصل الحديث .
مسألة>