شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
حوار هاتفي مع الشيخ أجراه عادل باناعمة
10600 مشاهدة print word pdf
line-top
العلماء ومستحدثات العصر

- الله يجزيكم بالخير فضيلة الشيخ. طيب فضيلة الشيخ: اليوم على امتداد العالم الإسلامي يتعدد العلماء والفقهاء، وتتعدد بالتالي المرجعيات الشرعية للشعوب المسلمة، ونرى اليوم رأيين يشيعان في الساحة:
منها رأي يرى ضرورة الاكتفاء بما يقول به علماء هذا البلد المبارك الطيب أهله إن شاء الله، ويعتبر أنه لا يوجد خارج هذه البلد علماء موثوقون في علمهم ودينهم بحيث يستفتون ويؤخذ برأيهم.
ورأي آخر يتطرف في الجهة الأخرى المقابلة تماما، ويتهم علماء هذا البلد المبارك بالانغلاق، وعدم إدراك مستجدات العصر، وينادي بضرورة ترك فتاواهم، والاستماع إلى فتاوى علماء الأمصار الأخرى. فأين الحق في هذه المسألة والصواب؟
لا شك في هذا الأمر الواقعي؛ نحن نقول: علماء المملكة وهيئة كبار العلماء الذين تثق الدولة بأقوالهم، والذين جعلتهم مرجعا للفتاوى ونحوها، وكذلك اللجنة الدائمة للفتاوى العلمية والبحوث العلمية، وكذلك القضاة الذين وثقت بهم الدولة في هذه البلد وولتهم وظيفة القضاء، وكذلك أيضا قبلت الدولة أقوالهم في الفتاوى، وهكذا أيضا تذاع كلماتهم ونصائحهم في الإذاعة وتنشر كتبهم. نرى أنهم محل ثقة.
ومع ذلك لا نقطع عن الآخرين الأهلية؛ فلا شك أنه يوجد كثير في البلاد الأخرى، في البلاد الإسلامية الواسعة يوجد منهم كثير؛ عندهم علوم، وعندهم فقه، وعندهم معرفة، سواء وافقوا علماء هذا البلد في فتاواهم أو خالفوهم في بعض المسائل التي يدخلها الاجتهاد.
وما ذاك إلا أن المسائل الخلافية يدخلها الاجتهاد ؛ ولأجل ذلك اختلف فيها العلماء، وتنوعوا إلى المذاهب الأربعة كما هو معروف، ولكل اختياره من الأئمة ومن أتباعهم؛ فنحن لا نخطّئ من يعمل بالمذهب الشافعي أو المالكي أو الحنفي إذا كان له وجهة دليل، ونلومه إذا تبين له الحق وأصر على خلافه تعصبا لمشائخه وللعادات التي تجري في بلاده، وكذلك أيضا نلوم كثيرا من المشائخ الذين ينكرون شيئا من الأدلة من أجل ما هم فيه في بلادهم مما عاشوا عليه من تلك المحدثات، وتلك البدع وتلك المعاصي التي ألفوها، وصاروا يرخصون فيها مجاراة لأهل بلادهم ولأهل زمانهم ولولاة أمرهم؛ لا نبرر موقفهم.
وأما حجر الحق على علماء هذا البلد؛ فلا نقول إنهم معصومون من الخطأ، بل نقول: إنهم أقرب إلى الصواب، وإن عند العلماء الآخرين في سائر البلاد اجتهادات، قد توافق الحق وتقرب منه، وقد يقع فيها شيء من المخالفة التي ليست متعمدة.
ولكن هناك كثير من الذين تسموا بأنهم علماء وعندهم شهرة ولهم مكانة، إذا وضح لهم الحق لم يقبلوه، قد يكونون في داخل هذه البلاد؛ فيتعصبون لما هم عليه من البدع والمخالفات، ويتشبثون بها، ويدعون أنها هي الصواب، مع أنهم قطعت شبههم، ورد عليهم ردا مقنعا، ولكن من آثار تعصبهم أصروا على ما هم عليه، ولا نحتاج إلى أن نذكر أمثلة لهؤلاء الذين يقع عليهم اسم علماء، وهم مع ذلك يقعون في هذه الأخطاء وفي هذه المخالفات في داخل المملكة وفي خارجها.
ونقول: عذرهم أنهم يريدون مجاراة الناس، وأنهم يفتون بما يرون عليه أكثرية الناس، وما يرون أنهم يألفونه، كإفتائهم بأن حلق اللحى جائز وليس بمحرم، وأنه من الأمور التي تكفلها العادة، وإفتائهم بأنه لا مانع من أن المرأة تكشف وجهها، أو أنها تسافر وحدها أو ما أشبه ذلك.
ولا شك أن هذه المستحدثات التي تجددت، نرى أنها لها أهميتها ولها مكانتها؛ ولأجل ذلك يتساهل بعض مشائخنا عندما يرون الحاجة إلى سفر المرأة في الطائرة –مثلا- بدون محرم لعدم المحذور، وأما منع المرأة منعا كليا عن أن تعمل، أو عن أن تسافر للحاجة أو ما أشبه ذلك، فيرى ذلك بعض المشائخ، وبعضهم يتساهل في مثل هذا.
وبكل حال، فإن التشدد الزائد لا يجوز فيهما مع وجود هذه المستحدثات الجديدة، وكذلك التوسع وفتح الأبواب فتحا كليا هذا أيضا لا نرى القول به؛ خير الأمور أوساطها. نعم.
- يعني -فضيلة الشيخ- ليست هناك أفضلية مطلقة للأخذ بالأحوط، ولا أفضلية مطلقة لرفع الحرج، وإنما هو الموازنة؟
نعم.

line-bottom