إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
حوار هاتفي مع الشيخ أجراه عادل باناعمة
10974 مشاهدة print word pdf
line-top
العلماء ومستحدثات العصر

- الله يجزيكم بالخير فضيلة الشيخ. طيب فضيلة الشيخ: اليوم على امتداد العالم الإسلامي يتعدد العلماء والفقهاء، وتتعدد بالتالي المرجعيات الشرعية للشعوب المسلمة، ونرى اليوم رأيين يشيعان في الساحة:
منها رأي يرى ضرورة الاكتفاء بما يقول به علماء هذا البلد المبارك الطيب أهله إن شاء الله، ويعتبر أنه لا يوجد خارج هذه البلد علماء موثوقون في علمهم ودينهم بحيث يستفتون ويؤخذ برأيهم.
ورأي آخر يتطرف في الجهة الأخرى المقابلة تماما، ويتهم علماء هذا البلد المبارك بالانغلاق، وعدم إدراك مستجدات العصر، وينادي بضرورة ترك فتاواهم، والاستماع إلى فتاوى علماء الأمصار الأخرى. فأين الحق في هذه المسألة والصواب؟
لا شك في هذا الأمر الواقعي؛ نحن نقول: علماء المملكة وهيئة كبار العلماء الذين تثق الدولة بأقوالهم، والذين جعلتهم مرجعا للفتاوى ونحوها، وكذلك اللجنة الدائمة للفتاوى العلمية والبحوث العلمية، وكذلك القضاة الذين وثقت بهم الدولة في هذه البلد وولتهم وظيفة القضاء، وكذلك أيضا قبلت الدولة أقوالهم في الفتاوى، وهكذا أيضا تذاع كلماتهم ونصائحهم في الإذاعة وتنشر كتبهم. نرى أنهم محل ثقة.
ومع ذلك لا نقطع عن الآخرين الأهلية؛ فلا شك أنه يوجد كثير في البلاد الأخرى، في البلاد الإسلامية الواسعة يوجد منهم كثير؛ عندهم علوم، وعندهم فقه، وعندهم معرفة، سواء وافقوا علماء هذا البلد في فتاواهم أو خالفوهم في بعض المسائل التي يدخلها الاجتهاد.
وما ذاك إلا أن المسائل الخلافية يدخلها الاجتهاد ؛ ولأجل ذلك اختلف فيها العلماء، وتنوعوا إلى المذاهب الأربعة كما هو معروف، ولكل اختياره من الأئمة ومن أتباعهم؛ فنحن لا نخطّئ من يعمل بالمذهب الشافعي أو المالكي أو الحنفي إذا كان له وجهة دليل، ونلومه إذا تبين له الحق وأصر على خلافه تعصبا لمشائخه وللعادات التي تجري في بلاده، وكذلك أيضا نلوم كثيرا من المشائخ الذين ينكرون شيئا من الأدلة من أجل ما هم فيه في بلادهم مما عاشوا عليه من تلك المحدثات، وتلك البدع وتلك المعاصي التي ألفوها، وصاروا يرخصون فيها مجاراة لأهل بلادهم ولأهل زمانهم ولولاة أمرهم؛ لا نبرر موقفهم.
وأما حجر الحق على علماء هذا البلد؛ فلا نقول إنهم معصومون من الخطأ، بل نقول: إنهم أقرب إلى الصواب، وإن عند العلماء الآخرين في سائر البلاد اجتهادات، قد توافق الحق وتقرب منه، وقد يقع فيها شيء من المخالفة التي ليست متعمدة.
ولكن هناك كثير من الذين تسموا بأنهم علماء وعندهم شهرة ولهم مكانة، إذا وضح لهم الحق لم يقبلوه، قد يكونون في داخل هذه البلاد؛ فيتعصبون لما هم عليه من البدع والمخالفات، ويتشبثون بها، ويدعون أنها هي الصواب، مع أنهم قطعت شبههم، ورد عليهم ردا مقنعا، ولكن من آثار تعصبهم أصروا على ما هم عليه، ولا نحتاج إلى أن نذكر أمثلة لهؤلاء الذين يقع عليهم اسم علماء، وهم مع ذلك يقعون في هذه الأخطاء وفي هذه المخالفات في داخل المملكة وفي خارجها.
ونقول: عذرهم أنهم يريدون مجاراة الناس، وأنهم يفتون بما يرون عليه أكثرية الناس، وما يرون أنهم يألفونه، كإفتائهم بأن حلق اللحى جائز وليس بمحرم، وأنه من الأمور التي تكفلها العادة، وإفتائهم بأنه لا مانع من أن المرأة تكشف وجهها، أو أنها تسافر وحدها أو ما أشبه ذلك.
ولا شك أن هذه المستحدثات التي تجددت، نرى أنها لها أهميتها ولها مكانتها؛ ولأجل ذلك يتساهل بعض مشائخنا عندما يرون الحاجة إلى سفر المرأة في الطائرة –مثلا- بدون محرم لعدم المحذور، وأما منع المرأة منعا كليا عن أن تعمل، أو عن أن تسافر للحاجة أو ما أشبه ذلك، فيرى ذلك بعض المشائخ، وبعضهم يتساهل في مثل هذا.
وبكل حال، فإن التشدد الزائد لا يجوز فيهما مع وجود هذه المستحدثات الجديدة، وكذلك التوسع وفتح الأبواب فتحا كليا هذا أيضا لا نرى القول به؛ خير الأمور أوساطها. نعم.
- يعني -فضيلة الشيخ- ليست هناك أفضلية مطلقة للأخذ بالأحوط، ولا أفضلية مطلقة لرفع الحرج، وإنما هو الموازنة؟
نعم.

line-bottom