إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
حوار هاتفي مع الشيخ أجراه عادل باناعمة
12365 مشاهدة print word pdf
line-top
المعاملات العصرية بين المعارضة والتأييد

- الله يجزيكم بالخير فضيلة الشيخ. طيب فضيلة الشيخ في هذا العصر أيضا تعددت النوازل التي تحتاج إلى فتاوى فقهية شرعية: كالمعاملات المالية الجديدة مثلا وما أشبهها، وقد اختلفت كلمة العلماء في كثير من هذه القضايا، وينادي البعض اليوم بضرورة اللجوء إلى الفتوى الجماعية في مثل هذه المسائل بما تقتضيه من إحاطة بجوانبها المختلفة -حتى غير الشرعية منها- فما رأيكم في هذا؟ وكيف ترون المخرج من هذا الاضطراب في الفتاوى؟
لا شك أن هناك معاملات جديدة فيها منافع يتعلق بالإحالات وبالحوالات وبالصرف وبالبنوك وأعمالها وما أشبه ذلك، وأنها تحتاج إلى فتوى تعتمد الدليل، وقد اختلفت فيها فتاوى المشائخ، فمنهم من تشدد في المنع ورأى عدم التساهل فيها، وأن كل هذه المعاملات الجديدة لا يجوز التعامل بشيء منها كالحوالات وما أشبهها، والصرف وما أشبهه، وتمسكوا بما يذكره العلماء المتقدمون من تلك القواعد.
ونرى أن في هذا تحجر لواسع، وأنه يجب أن تعطى هذه المعاملات الجديدة حظها من النظر، وألا يتوسع فيها توسعا يبيح ما كان محظورا، ولا يشدد فيها تشديدا يضر بالأمة، ويضر بالاقتصاد، ويضيق على الناس؛ وذلك لأن هذه المعاملات استعملها الكفرة ونحوهم، وحصلوا باستعمالها على ثروات وعلى كثرة أموال، واستخدموها وحصلوا بها على فوائد، والذين استعملوها من المسلمين، إذا استعملوها على جانب مباح أو قريب من المباح؛ حصلت لهم تلك المصالح وتلك الفوائد، وتجنبوا ما هو محظور ومحرم؛ فلا يكون في ذلك حرج إن شاء الله.
قد ذكر العلماء أن الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما دل عليه دليل على تحريمه نص واضح، وحيث إن أكثر هذه المعاملات الجديدة لا دليل عليها نص إلا أخذا من باب العمومات، وتلك العمومات قد دخلها التخصيص، فنرى التساهل في كثير منها، يعني كالحوالات والصرف وما أشبه ذلك.
وأما إذا كانت ظاهرة دخولها في بعض الأدلة الممنوعة، فلا نرى التوسع في الترخص فيها -إن شاء الله- وحبذا لو أن العلماء -هيئة كبار العلماء- اجتمعوا على إصدار فتاوى تتعلق بهذه القضايا؛ حتى يزول ذلك الاختلاف فيما بينهم، منهم من يتشدد كما في بعض فتاوى هيئة كبار العلماء، ومنهم من يتساهل، ومنهم من يتوسط؛ وخير الأمور أوساطها.

line-bottom