إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
40321 مشاهدة
تفسير روح القدس

[س 18]: ما تفسير علماء السلف رحمهم الله لقوله تعالى: إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ؟
الجواب: لا شك أن روح القدس هو الملك الذي هو جبريل -عليه السلام- وهذا هو القول الراجح كما قاله ابن كثير، وجزم به في تفسيره قوله تعالى: وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وذكر أن ابن مسعود نص عليه، وتابعه على ذلك ابن عباس ومحمد بن كعب وإسماعيل بن خالد والسدي والربيع بن أنس وعطية العوفي وقتادة، وذكر في قوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: أجب عني، اللهم أيده بروح القدس . وفي بعض الروايات أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: اهجهم وجبريل معك . وقال حسان:

وجـبريل رسول الله فينا
وروح القدس ليس به خفاء

وروى ابن حبان وغيره عن ابن مسعود، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن روح القدس نفث في روعي إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها .
وحكى القرطبي عن مجاهد والحسن قالا: القدس هو الله وروحه جبريل، أي روح من الأرواح التي خلقها الله. وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس (بروح القدس) هو الاسم الأعظم الذي كان عيسى يحيي به الموتى، ونقل نحوه عن سعيد بن جبير وعبيد بن عمير.
وقال الربيع بن أنس: القدس هو الله تعالى، وقال السدي: القدس: البركة، وقال العوفي عن ابن عباس: القدس: الطهر، وقال ابن زيد: أيد الله عيسى بالإنجيل روحا كما جعل القرآن روحا. وقال الزمخشري: بالروح المقدسة: أي روح عيسى نفسه المطهرة.
والصحيح الأول وعليه الجمهور، وسمي عيسى روحا من الله؛ لأنه من الخلق الذين خلق أجسامهم وأرواحهم، وسمي جبريل روحا؛ لأنه روح مجردة من جسم محسوس، وهو مقدس أي منزه ومطهر عن المعاصي والمخالفات، فإن التقديس هو التطهير والتعظيم، كقول الملائكة: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ أي نعظمك ونجلك وننزهك عن النقائص والمعائب.