إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
محاضرة في فتن هذا الزمان ومقاومتها
9773 مشاهدة
الصراط المستقيم هو سبيل النجاة

وإلى هنا ننتهي في هذه الكلمة, ونوصي إخوتنا بما قلناه أولًا وآخرًا: وهو الحرص على سبيل النجاة.. النجاة سبيلها واحد, وهو: صراط الله المستقيم, الذي قال الله فيه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خَطَّ خطًّا مستقيما, وخط عن يمينه ويساره خطوطًا ملتوية, وقال: هذا سبيل الله - يعني سبيل الله الموصل إلى النجاة- وهذه الخطوط التي عن يمينه ويساره سبل الشياطين, يقول تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقد مَثَّلَهَا بعض العلماء بجريدة النخل..الجريدة التي تَتَدَلَّى إلى أن تصل إلى الأرض. لو أن مثلًا حشرة من الحشرات صعدت على هذه الجريدة, وصعدت في أصل الجريدة -الذي هو أصلها- رَقَتْ, ورقت, ورقت إلى أن تصل إلى أعلى النخلة والثمرة لتأكل مما تريد, فإنها تكون ناجية.
أما إذا ركبت السعف -الخوص الذي عن اليمين وعن اليسار- فإنها كلما ركبت خوصة وسارت عليها قليلًا هوت وسقطت, فهكذا سبيل الله وهكذا سبل الشيطان. فسبيل الله واضح, وهو الصراط المستقيم.
ونحذرهم عن بنيات الطريق التي ذُكِرَتْ في هذا الحديث, ونخبركم أيضًا بأنكم في زمن الغربة الذي قد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: بدأ الإسلام غريبًا, وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء!! قيل: مَنِ الغرباء ذُكِرَ في تفسير الغرباء عدة روايات : الذين يفرون بدينهم من الفتن هذا تفسير لهم..إذا وقعت فتنة سواء في المال أو في البدن أو في الدين, هربوا بدينهم, ونَجَوْا بأنفسهم, كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان قال: يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنم يتتبع بها شعف الجبال, ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن .
فالذين يفرون بدينهم من الفتن هؤلاء من الغرباء, الذين دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فطوبى للغرباء فالمسلم ينجو بدينه, ويُقَدِّمُهُ على كل شيء, حتى قال في بعض الأحاديث: إنْ أتتك فتنة فَقَدِّمْ مالك, فإن جاوزتِ المال فقدم نفسك يعني قَدِّمْ نفسك على الدين.. يعني: قَدِّمْ مالك, فإن جاوزت المال إلى الدين, فقدم نفسك دون دينك. فهذه الوصية نريد.
نأمل من إخوتنا إن شاء الله أن يحملوها أحسن محمل.. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا, ويعلمنا ما ينفعنا, وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ونعوذ به من علم لا ينفع, ومن قلب لا يخشع, ومن دُعَاء لا يُسْمَعُ, ونسأله أن يُرِيَنَا الحق حقًّا, ويرزقنا اتِّبَاعه, وأن يُرِيَنَا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.. ولا يجعله ملتبسًا فنضل! ونسأله سبحانه أن يمكن لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا, وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن, والله تعالى أعلم, وصلى الله على محمد .