إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
محاضرة في فتن هذا الزمان ومقاومتها
12067 مشاهدة print word pdf
line-top
سبيل النجاة من الفتن

وبعد أن عرفنا هذه الأمثلة من الفتن نذكر جملة واحدة تكفي في القضاء عليها, أو في النجاة منها. فنقول: سبيل النجاة من هذه الفتن هو: العلم.. العلم الصحيح هو الذي يكون سببًا ووسيلة إلى أن تكون ناجيًا من هذه الفتن, فإن الإنسان إذا رزقه الله علمًا, ورزقه بصيرة, ثم نقول: العلم هو: العلم بالله, وبشرع الله, وبحدوده وبحقوقه, وبِوَعْدِهِ ووعيده, ليس مجرد ما يُسَمَّى عِلْمًا.
عليك أولًا: أن تتعلم.. تَعْرِفَ أنك عبد مملوك, مخلوق في هذه الدنيا لست بمهمل, ولست بمخلوق سُدى.
ثم بعد ذلك عليك أن تعرف أن الله ربك, ومالكك وهو الذي خلقك وهو الذي يتصرف فيك, تعرف ذلك بالتفصيل والأدلة.
ثم تعرف بعد ذلك أن ربك الذي ملكك, والذي هو يتصرف فيك, هو الذي أنعم عليك, وأنك لا تنفك في وقت من الأوقات من نعمه, وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا وهذه ثلاثة أشياء .
بقي شيء رابع وهو: أن تعرف أنك متى عرفت أنك مخلوق, وأن لك خالق رازق, وأنك لا تنفك عن.., وأنك محتاج إليه في كل حالاتك, وأنك مملوك له, وأنك .. أن نعمه تَتْرَى عليك وتتوالى, فلابد أن تعرف أيضًا أنه قد كَلَّفَكَ..قد أمرك ونهاك..أمرك بأوامر وبعبادات, وفرضها عليك, وحَذَّرَك ونهاك عن محرمات, وحذرك عنها, وأمرك بالابتعاد عنها. فهذه الأشياء لا بد أن تعرفها, ثم بعد ذلك تبحث عن تلك الأوامر, تبحث عنها. فتجدها- والحمد لله- ميسرة مُفَصَّلَة, فتقرأ القرآن, وتقرأ كتب أهل السنة كالصحيحين ونحوهما, فتجد فيهما الشفاء النافع, والدواء الناجع, وتجد فيهما العلاج لكل مرض وداء, فتجد فيهما أولًا: أن الله تعالى فرض العبادات, ومن العبادات: الصلوات والطهارات وما أشبه ذلك, وسائر أركان الإسلام.
وأنه تعالى أباح هذه المباحات, وهذه المعاملات التي يتمتع بها الإنسان حتى تقوم بها حياته, وأنه حَرَّمَ هذه المحرمات ونحو ذلك. إذا عرفت ذلك تعرف شيئا آخر, وهو: الثواب والعقاب, وهو: أن الله تعالى إذا حافظ العبد على هذه العبادات, والتزم بها أثابه, وكذلك إذا اجتنب هذه المحرمات- امتثالًا لأمر الله- أثابه وأعظم أجره.
وهكذا أيضًا إذا اقْتَرَفَ هذه المحرمات, وتهاون بها, عاقبه, أو ترك هذه الواجبات, عاقبه.
وأيُّ عقوبة! عقوبة عاجلة, وعقوبة آجلة.. كما أن الثواب يكون عاجلًا ويكون آجلًا.
فإذا عرفت ذلك كله, فكيف مع ذلك تعصي الله؟ كيف تنخدع إلى معصيته؟! لأنك الآن عرفت ما تعتقده, عرفت العقيدة السليمة حتى لا تنخدع بالدعاة بالضُّلَّال- مثلًا- بالمبتدعة والمعتزلة والرافضة ونحوهم, فسلمت عقيدتك, بعد أن قرأت عقيدة السنة, وتمسكت بها, أمِنْتَ أن تفتتن بدعاتهم. كذلك أيضًا عرفت أن الله تعالى أمرك ونهاك, وعرفت الأوامر والنواهي, وعَرَفْت الثواب والعقاب على هذه وعلى هذه, فحملتك هذه المعرفة والتصديق الجازم على ألا تقبل دعايات مَنْ يدعوك إلى التكاسل عن الطاعات, ولا مَنْ يدعوك إلى الوقوع في المحرمات, وتعتبرهم دعاة شر وفتنة, يبتلي الله بها الجهلة ونحوهم.

line-bottom