تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
محاضرة في فتن هذا الزمان ومقاومتها
13637 مشاهدة print word pdf
line-top
فتنة الدعاة إلى المعاصي والذنوب

ونوع ثالث أيضًا: فتنة الدعاة, وهو أكثر انتشارًا وتمكنًا, وما هو, هو: الدعاة إلى المعاصي والذنوب, وما أكثرهم! لا كَثَّرَهُمُ الله.. وقد عظمت الفتنة بهم, وكبرت المصيبة, فإنهم يدخلون في كل عقيدة..ففي -مثلًا اليهود- دعاةٌ إلى المعاصي والذنوب, وفي النصارى كذلك, وفي المشركين والملحدين, وفي الدهريين والشيوعيين دعاة إلى المعاصي, وفي المسلمين وأهل السنة دعاة إلى المعاصي.
وفي كذلك الرافضة والمبتدعة والمعتزلة ونحوهم دعاة إلى المعاصي.
فالدعاة إلى المعاصي هم أكثر من غيرهم, وقد عظمت بهم المصيبة, وما سبيل المسلم.. ما سبيله إلا أن يعرف أَنَّ الله تعالى حَرَّمَ هذه المعاصي, وأن هؤلاء الذين يدعون إليها, إنما يَدْعُون إلى أنفسهم, ولا شك -لا يشك مسلم- أن الله تعالى قد بَيَّنَ الحلال والحرام, وقد رتب على الحرام العقوبات, وتوعد عليه بأنواع من الوعيد, وقد حَثَّ على الطاعات, وحث على التمسك بها, وعلى الإكثار من الحسنات, ووعد على ذلك الثواب الجزيل.. ولكن, مع ذلك لا يزال الذين يحبون هذه الذنوب وهذه المعاصي يحرصون على انتشارها وتمكنها, وإذا قلت: ماذا قصدوا؟ أليسوا يعترفون بأن الله حَرَّمَهَا؟ أليسوا يعترفون بأنها يُعَاقَبُ عليها..ماذا قصدوا منها؟
نقول: إن هؤلاء فتنة.. بَلِيَّةٌ لأهل هذا الزمان..يبتلي الله بها خلقه, فَمَنْ نجا فقدْ أراد الله به خيرا, ومَنْ هلك فهو مِمَّنْ أَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ والْعِيَاذُ بالله!
ونُحِبُّ أن نذكر أمثلة لهؤلاء الدعاة ومعاصيهم التي يَدْعُون إليها؛ ليكون المسلم على بصيرة من هؤلاء, ومِنَ الافتتان بهم.
فنقول: إنَّ مَنْ أَلِفَ ذنبًا اعْتَقَدَهُ, إما اعتقده طاعةً وقُرْبةً, وإما اعتقده مباحًا, ولا بأس به.. وإما اعتقد أنه مُحَرَّمٌ, ولكن لَمَّا كان يصعب عليه التخلص منه أحب أَنْ يَكْثُرَ أَهْلُهُ.. حتى لا يبقى مَنْ يُنْكِرُ عليه! اقتداءً بمن؟ اقتداءً بالشيطان..اقتداءً بإبليس, فإنه لما علم أنه هالِكٌ, لما عَلِمَ أنه –ولا بد- من أهل النار, وأنه سَيَدْخُلُهَا, حَرِصَ على إِغْوَاء بني آدم أن يدخلوها معه, وأَقْسَمَ بذلك بقوله: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ .
فكذلك هؤلاء الذين هم في الحقيقة شياطين الإنس, قَدْ أَخْبَرَ الله تعالى بأن في الإنس شياطين, قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ انظر..كيف بدأ بشياطين الإنس قبل شياطين الجن! فشياطين الإنس هُمُ الذين يدعون إلى ما يدعو إليه شياطين الجن, يَدْعُون إلى الكفر.. يدعون إلى البدع.. يدعون إلى المعاصي..كما يدعو إلى ذلك الشيطان.

line-bottom