اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
محاضرة في فتن هذا الزمان ومقاومتها
13688 مشاهدة print word pdf
line-top
فتنة المال

كَذَلِكَ أَيْضًا مِنَ الْفِتَنِ- من فِتَن هذا الزمان- فتنة المال الذي قد طَغَتْ محبته على القلوب حتى آثَرَهُ خَلْقٌ كثير, وقدموه على ما هو حَقُّ الله تعالى, ولم يبالوا بِحِلٍّ وحرمة, وهذه أيضًا فتنة عامة. إما لها دعاة يدعون إليها, وإما دواعيها هي ما في النفس من الْجِبِلَّة التي هي محبة المال.. أوقعت الكثير فيما هو محرم, فإن كثيرًا من الناس أخذوا يتباهون بكثرة الأموال أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فافتتن به الخلق الكثير, فقالوا: فلان ما فعل كيف حَصَلَ على هذا المال الذي أصبح به ثَرِيًّا, وبَنَى به عماراتٍ وطبقاتٍ؟ وتَمَلَّكَ كذا وكذا من الأملاك في داخل البلاد وخارجها؟ وصار يُعْطِي نفسه ما تَلَذُّه, وتميل إليه, فانْخَدَع به وبِدَعَايَاتِهِ الخلقُ الْكَثِير, فَحَرِصُوا على جمع المال من غير حِله فوقعوا مثلًا في أخذ الرشا ونحوها, أو في أكل الأموال الربوية, أو في الغش في المعاملات. كل ذلك حرص على أن تنمو أموالهم, أو في السرقة والاختلاس, أو في أخذ الأموال من بيت المال, أو غيره بغير وجوهه. يريدون بذلك أن تكثر وتنمو أموالهم, حتى يحصل لهم مثل ما يحصل لفلان.. فإذا حصل لهم, حصلت لهم تلك الأموال الطائلة عند ذلك ينعمون أنفسهم كما يقولون, يعطون أنفسهم شهواتها.. يلبسون ما يشاءون, سواء من حِلٍّ أو من حرمة, يطيلون مثلًا اللباس, كذلك أيضًا يتشبهون في اللباس بلباس الكفار ونحوها, يسافرون إلى البلاد الخارجية كما يقولون, ويُنَعِّمُون أنظارهم إلى تلك المرائي القبيحة التي هي لذيذة عند أنفسهم البهيمية, وهكذا.
فتعظم بذلك المصيبة, وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن المال فتنة, وأخبر الله تعالى به, في قوله تعالى : إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ فالله تعالى يُعْطِي هذا المال ويكون فتنة لذلك الذي أُعْطِيَهُ بحيث أنه يقع في المحرمات, ويشتري به ما هو غير جائز, ولا يقتصر على المباح, بل يدعوه..تدعوه نفسه مادام واجدا, وما دام متمكنًا إلى أن يأخذ ما يشتهي.
متى سافر مثلا إلى البلاد الخارجية ونحوها, ورأى ما لا صبر له عليه من الشهوات, وقع في الْمُحَرَّمات بشرب الخمور, وفي الزنا, وفي الخنا, وفي اللواط, وفي الأغاني, وما أشبه ذلك.. وذلك من الفتن العظيمة التي وقعت في هذا الزمان..فهذه أمثلة من الفتن.

line-bottom