إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88108 مشاهدة
الألفاظ التي هي من قبيل المشترك اللفظي

وهذان الصنفان -انتهى من الصنف الثاني الذي هو من أصناف اختلاف التنوع- اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير، تارة لتنوع الأسماء والصفات كما تقدم في أسماء الله وأسماء النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء القرآن، وتارة بذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه، بعض أنواعه كالمثال بالخبز كالتمثيلات، هما يعني: هذين الصنفين الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف.
وممن يذكر الاختلاف: ابن جرير فإنه إذا ذكر آية قال: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: كذا ذكر من قال ذلك، وقال آخرون: كذا ذكر من قال ذلك، ثم في النهاية يجمع بينهما ويقول: إن الله ذكر كذا، وجائز أن يكون مراده كذا وجائز أن يكون مراده كذا وكذا.
يقول: كالتمثيلات، أما غالب تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف ومن التنازع المغرض عنهما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين، هذا أيضا قد يكون لأنه اختلاف، ولكن اللفظ يعم المعنيين محتملا لمعنى، إما لكونه مشتركا في اللفظ، يعني هناك ألفاظ مشتركة يشترك فيها معنيان تسمى الألفاظ أيضا قد يكون.
المشتركة التي تصدق على عدة معان ، كلفظ العين تصدق على العين الباصرة كقوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وتصدق على العين النابعة كقوله: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا وتصدق أيضا على العين الذي هو الجاسوس، يقال: بعث عينا ويسمى هذا مشتركا.
وكلفظ قسورة في قوله تعالى: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ فسر بأن قسورة هو الرامي، وفسر بأنه الأسد. والحمر كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ قيل: إنها الحمير الأهلية المستأنسة التي تركب، وقيل: إنها المتوحشة؛ حمار الوحش الذي هو من الصيد، وهذا هو الذي يليق بالرامي، الرامي إذا رأته تلك الحمر الوحشية فإنها تفر منه، وكذلك تفر من الأسد.