تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88213 مشاهدة
الوجه الثاني: تفسير لا يعذر أحد بجهله

يقول: وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وهو معرفة الأحكام الحلال والحرام، لا يجوز لأحد أن يتجاهله، وأن يبقى جاهلا به؛ فإن الحلال لا بد من فعله فالأوامر، كقوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ وقوله: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ وما أشبه ذلك لا يعذر أحد بجهالته.
وكذلك المحرمات لا بد أن يتعلمها المسلم حتى يتجنبها، مثل قوله تعالى: لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ومثل قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى وأشباه ذلك، لا يعذر أحد بجهله، كل المسلمين يؤمرون بأن يعرفوه حتى لا يقعوا فيه، والذي يبقى على جهل يعتبر مفرطا، فالحاصل أن التفسير الذي لا يعذر أحد بجهله هو معرفة الأحكام التي يجب على المسلم العمل بها.