جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88117 مشاهدة
نماذج من التفسير بالرأي

يظهر هذا كثيرا في تفسير كثير من المتكلمين كتفسير البيضاوي وأبي السعود والنسفي .
هؤلاء يفسرون القرآن بالرأي ولا يذكرون أدلة، أعطاهم الله تعالى فصاحة ومعرفة باللغة؛ فصاروا يحملونه على ما يفهمونه دون أن يرجعوا إلى أسباب النزول، أو دون أن يرجعوا إلى أقوال السلف الذين أنزل القرآن في عهدهم والذين هم أعلم بمعانيه.
الأولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان، يعني: كهؤلاء المبتدعة, يعني: كالخوارج والمعتزلة والروافض ونحوهم. المعنى الذي رأوه واعتقدوه راعوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن، وألفاظ القرآن واضحة الدلالة وواضحة البيان؛ ولكن لما كان هؤلاء مخالفين في الاعتقاد عند ذلك حملوا الآيات ما لا تحتمله وحرفوا الكلم عن مواضعه.
ذكر شيخ الإسلام في موضع من كتبه أن المعتزلة فسروا قول الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قالوا: كلمه: جرحه بأظافير الحكمة، فنفوا ما يعتقدونه من أن الله تعالى لا يتكلم، نفوا ظاهر الآية بناء على ما يعتقدونه ونسوا دلالات الآيات ونسوا سياق الآيات، ونسوا الآيات الأخرى التي تصرح بخطأ ما قالوه.
وهي آيات كثيرة مثل آيات النداء وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ والنداء كلام. ومثل قوله تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فلما كانوا يعتقدون أن الله تعالى لا يتكلم ثقل عليهم معنى هذه الآية.
فبعضهم حاول أن يحرف اللفظ، جاء واحد منهم إلى أبي عمرو أحد القراء السبعة، وقال: أريد أن تقرأ هذه الآية: ( وكلم اللَّهَ موسى تكليما ) أي: موسى هو الذي كلم الله، ولكن أبا عمرو رحمه الله قال له: هب أني أو أنت قرأت هذه الآية كذلك فكيف تصنع بقول الله تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ؟ فبهت ذلك المعتزلي؛ لأن هذه الآية لا يمكن تحريفها فحرفوها بأن قالوا: كلمه جرحه، ونسوا قوله: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي ونسوا أو تناسوا آيات النداء وأمثلة تحريفهم كثيرة.