الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88215 مشاهدة
الوجه الأول: تفسير يعلمه العرب

يقول: قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس - أبو الزناد من صغار التابعين يظهر أنه أدرك ابن عباس - قال ابن عباس - التفسير على أربعة أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
هذا الأثر مشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما والتفسير الذي تعرفه العرب: هو الكلمات العربية التي يُرجع فيها إلى لغة العرب، ولهذا يستشهد المفسرون بأبيات العرب، بلغة العرب، بالنظم الذي يذكرونه والذي يعرفونه، فإن العرب يسمون الأشياء بأسماء اصطلحوا عليها، فلذلك استشهدوا بكلامهم.
ابن جرير أكثر من رأينا يستشهد بنظم العرب على الكلمات العربية، حتى الكلمات الشرعية لما أتى على ذكر الصلاة استشهد عليها ببيتين من شعر العرب بقول الشاعر:
وقابـلهـا الريــح فـي دِنِّهــا
وصلــى علــى دِنِّهـا وارتسـم
وقول الآخر:
................................
وإن ذبحت صلى عليها وزمزما
وفسر الصلاة هنا بأنها الدعاء، ثم ذكر ابن كثير -زيادة- أبياتا وكلها للأعشى .
فالحاصل أن العرب تعرف المسميات، تعرفها، والقرآن نزل بلغتها؛ فلذلك يرجع إلى لغة العرب. كان كثير من المفسرين أو من اللغويين يسافرون إلى البلاد النائية إلى البوادي، يأخذون الكلمات الفصيحة من العرب. فمثلا الكلمات التي تعرفها العرب بقيت على مسمياتها، كقوله تعالى: حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ القمر، يعني: كثير من الناس لا يعرفون العرجون، ولكن نظرنا إلى أصله في لغة العرب وإذا هو: قنو النخل؛ لأنه إذا يبس تقوس أصبح شبه نصف دائرة، فالقمر يكون كذلك في آخر الشهر، هذا العرجون.
كذلك مثلا قول الله تعالى: فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا كلمة الهباء؛ يعني: شيء قد يحتاج إلى معرفته بلغة العرب، فيسمى الدخان مثلا هباء، وكذلك الشيء الخفيف الذي تطير به الرياح كقوله تعالى: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ يعني أنه إذا طارت به الرياح أصبح كأنه هباء.
كذلك مثلا قوله: كَلَّا لَا وَزَرَ كلمة ( لا وزر ) هذه أيضا كلمة عربية يُرجع فيها مثلا إلى كلام وتفسير العرب، وإذا نظرنا في السياق وإذا معناها أنه لا مفر للإنسان، لا وزر يعني ليس له مفر ولا مهرب ولا مخرج في يوم القيامة.
وقد تكلم كثير على مفردات القرآن، وممن خصها بالتأليف الراغب له كتاب يسمى مفردات القرآن للراغب يعني: لغة القرآن، اللغة التي هي كلمات تحتاج إلى الرجوع إلى العرب، وقد يحتاج في تعريفها إلى معرفة اصطلاح الشرع أو معرفة استعمالها شرعا، وقد يكون أيضا معرفتها بما يدل عليه السياق.