(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88074 مشاهدة
تزكية ابن مسعود لابن عباس

ذكر بعد ذلك إسناد ابن جرير قال: حدثنا محمد بن بشار شيخ من مشايخ البخاري ومسلم يقال له: محمد بن بشار العبدي ويلقب بندار أنبأنا وكيع وكيع بن الجراح العالم المشهور أنبأنا سفيان إذا أطلقه وكيع فهو: سفيان الثوري عن الأعمش الذي هو سليمان بن مهران عن مسلم الذي هو مسلم بن صبيح ويكنى أبو الضحى عن مسروق الذي هو تلميذ ابن عباس وتلميذ ابن مسعود قال: قال عبد الله يعني ابن مسعود نعم ترجمان القرآن ابن عباس .
شهادة من ابن مسعود من أجلاء الصحابة لابن عباس أنه ترجمان القرآن؛ يعني مفسره؛ أن الله تعالى فتح عليه فصار يفسر القرآن.
ثم رواه ابن جرير عن ابن أبي داود عن إسحاق الأزرق عن سفيان عن الأعمش عن مسلم بن صبيح أبو الضحى عن مسروق عن ابن مسعود يعني مداره على الأعمش أو على سفيان أنه قال: نعم الترجمان للقرآن ابن عباس نعم مدح له.
ثم رواه أيضا عن بندار الذي هو محمد بن بشار عن جعفر بن عون عن الأعمش به، فأصبح ابن بشار رواه عن شيخين عن وكيع وعن ابن عون وأصبح الذين رووه عن الأعمش جعفر بن عون وسفيان الثوري ؛ فهذا إسناد صحيح، يعني صحيح حيث أنه صح عن الأعمش من طريقين؛ من طريق سفيان الثوري ومن طريق جعفر بن عون صحيح إلى ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في ابن عباس هذه العبارة تزكية من ابن مسعود لابن عباس .
ثم يقول: قد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين، وفي رواية في سنة اثنين وثلاثين، مات في هذه السنة قبل موت عثمان بسنتين أو بثلاث سنوات، ذكره ابن كثير في التأريخ في سنة اثنين وثلاثين؛ وهي السنة التي مات فيها أبو ذر والتي مات فيها عبد الرحمن بن عوف ومات فيها العباس بن عبد المطلب ولكن يمكن أنه مات في أول السنة التي بعدها ثلاث وثلاثين، وعِّمر ابن عباس بعده ستا وثلاثين سنة، فعلى هذا يكون مات سنة ثمان أو تسع وستين، والمشهور أنه مات سنة ثمان وستين رضي الله عنه.
يقول: فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود وما فتح الله تعالى عليه وما رزقه من العلوم، وما تعلمه من بقية الصحابة الذين عاشوا بعد ابن مسعود ما أخذه عن الصحابة، وأخذ عن عائشة وأخذ عن علي وأخذ عن عثمان وأخذ عن أبي هريرة وغيرهم من الصحابة الذين أدركهم سواء ماتوا بعده كابن عمر أو ماتوا قبله كأبي هريرة أخذ عنهم كثيرا.
وقد ذكر نحو هذا الكلام ابن كثير في مقدمة التفسير، يقول: وقال الأعمش عن أبي وائل استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم؛ يعني على موسم الحج، في خلافة علي رضي الله عنه؛ فخطب الناس، يظهر أن ذلك في منى فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، والمشهور أنه فسر سورة النور، فسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا؛ يعني من بلاغته رضي الله عنه، وذلك مما فتح الله تعالى عليه، هذا مما رزقه الله تعالى من بلاغة، وقوة أسلوب وتعبير واضح، وتفسير للمعاني وإظهار بيان القرآن، وإظهار بلاغته وإعجازه، وإظهار كثرة ما فيه من المعاني، المعاني الكثيرة التي يفتح الله تعالى بها على بعض عباده.