اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88105 مشاهدة
حكاية الخلاف عن علماء بني إسرائيل

ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز. يعني يجوز نقل الخلاف؛ قال فلان: كذا، وقال فلان: كذا، وسواء كان خلافا للسلف أو عن الإسرائيليات، يجوز نقل الخلاف عنهم؛ لأن الله تعالى نقل بعض الخلاف قال تعالى: سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا فذكر الله تعالى هذا الخلاف.
واشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام؛ يعني: وهي قوله تعالى: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ وقوله: فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا ؛ أي: لا تستفت وتطلب فتوى، وكل الأمر إلى الله، وقل: الله أعلم، عدتهم يعلمها الله ولا يعلمها إلا قليل، وفيها تعليل ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين الذين قالوا: ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ والذين قالوا: خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رفع فنفى ذلك بقوله: رَجْمًا بِالْغَيْبِ وسكت عن الثالث فدل على صحته.
هكذا قال بعضهم: إنه لما لم يضعف الثالث أنهم سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ؛ دل على أنه القول الصحيح؛ إذ لو كان باطلا لرده؛ كما رد القولين قبله. وآخرون قالوا: إن قوله: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ؛ دليل على أنهم لا يعلم عدتهم إلا الله. وليس هذا العدد مطابقا؛ يعني أنهم سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ .
أرشد الله إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس؛ هم الذين أطلعهم الله عليه فلهذا قال: فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ ؛ أي لا تجادل فيهم إلا مراء ظاهرا أي مما ظهر لك، لا تجهد نفسك بما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك؛ فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب، فلا تتطاول معهم.