إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
81735 مشاهدة
شروط وجوب الهدي على المتمتع

...............................................................................


اشترطوا لذلك شروطا:
الشرط الأول: أن تكون العمرة في أشهر الحج، فإن كانت عمرته في رمضان فإنه لا يصير متمتعا.
الشرط الثاني: أن يحج في ذلك العام، فلو اعتمر في شهر ذي الحجة ولكنه لم يحج؛ كما يفعل كثير من العسكريين؛ يعتمرون ولا يحجون، فلا دم عليه؛ لأنه لم يحصل له إلا نسك واحد.
الشرط الثالث: ألا يسافر بينهما، فلو اعتمر مثلا في اليوم الأول من شهر ذي الحجة، ثم رجع إلى بلده في الرياض ثم أحرم بالحج يوم الثامن فإنه لم يكن متمتعا؛ لأنه أدى كل واحد بسفر، فليس متمتعا بل أداهما بسفرين.
الشرط الرابع: ألا يكون من أهل مكة ؛ لقوله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فإذا تمت هذه الشروط فإن عليه الهدي أن يذبحه بمكة وهذا الهدي ليس كدم الجبران وليس كفدية المحظور، وليس كجزاء الصيد بل هو مثل الهدي الذي هو هدي التطوع. يدخل في قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ يأكل منه ويطعم رفقته ويتصدق منها ونحو ذلك، بخلاف دم الجبران وفديته.