اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
53284 مشاهدة print word pdf
line-top
الحديث المؤتلف والمختلف

(مُؤتَلفٌ) مُتّفقُ الخطِّ فقَـطْ وضِدُّهُ (مختلِفُ) فَاخْش الغلَطْ
الحديث المؤتلف والمختلف:
أما (المؤتلف والمختلف) فهذا مما يحتاج إلى العناية به، وهو ما اتفقت حروفه وافترقت حركاته، فكثيرا ما تتفق الأسماء يعني في الحروف، وتختلف في الحركات، أو تتفق في الحروف وتختلف في النقط والإعجام، وكثيرا ما يحصل فيه التصحيف والتحريف، وكثيرا ما يشتبه محمد بن بشار بمحمد بن سنان ومحمد بن يسار مع كون الباء هنا بعدها معجمة، والياء هناك بعدها مهملة، لكن لكتابتهم باليد يحصل أيضا الاشتباه، وكثيرا ما يشتبه الاسم بما يقاربه؛ حيث يشتبه شيبان بسنان مع أن بينهما فرقا، ولكن غالبهم لا ينقطون الحروف؛ فلأجل ذلك يحصل الاشتباه كسليمان بسلمان مع أن بينهما فرقا، ويقع هذا في الأسماء التي يتقارب لفظها وتحتاج إلى ضبط وإلى عناية، وقد ضبطها النووي في مقدمة شرح مسلم فذكر الأسماء التي تتقارب، وذكر ما يوجد بينهما من الفروق، فأنت إذا قرأت مثلا هذه الكلمة تعرف أنها كلها تُنطق بكذا إلا هذا الاسم الفلاني، مثلا غالب الأسماء تتميز إذا كانت أعلاما وقد يحصل الاشتباه في بعض الأعلام وفي الأنساب، فقد يكون الفرق بينهما في النقط كالهمداني، والهمذاني، والدهني والذهبي، فإذا مر بك عمار الذهبي فأصلحه الدهني بالمهملة والنون؛ لأنه خطأ فليس هناك عمار الذهبي في الرواة الأولين، وإنما كتبوه الذهبي لاشتهار نسبة الذهبي، وإلا فالصواب أنه عمار الدهني.
والأولون يكتبون الحروف بدون نقط، فيجيء بعض النسَّاخ، والنساخ قد يكونون من العامة حتى سماهم كثير من الحذاق مُسَّاخا فيكتبونه، فإذا رأوا الدهني نقطوا الدال وجعلوا الدال ذالا وجعلوا النون باء، وقد يحصل أيضا التصحيف حتى بزيادة أو بإسقاط بعض من الحروف، فمثلا رأيت من صحف (الضبي بالضبعي) وبالعكس، فأسقط العين مع السرعة، وكأنها ما اتضحت العين فكتبها الضبي مع أنه الضبعي، فأما الاختلاف في النقط فحدث ولا حرج، مثل جمرة كثيرا ما يكتبونه حمزة، فأبو جمرة الضبعي تلميذ ابن عباس مشهور يكتبونه أبو حمزة؛ لأن كلمة جمرة غريبة غير مشهورة، ولما كتبت نقطت الراء فأصبح حمزة.
فهذا النوع يسمى المؤتلف والمختلف يعني بالمؤتلف المتقارب في الرسم، والمختلف في النطق إما بالشكل وإما بالنقط، فالشكل مثل سَلاَم وَسلاّم بتشديد اللام وتخفيفها هذا اختلافه بالشكل، وأما النقط فمثل سنان وشيبان، ومثل سيار ويسار وبشار وما أشبه ذلك، فهذا كله مما يقع فيه التصحيف، فهو يسمى بالمؤتلف، يعني: بالمؤتلف في الخط المختلف في النطق.

line-bottom