إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
47429 مشاهدة print word pdf
line-top
الحديث الموضوع

والكذِبُ المختلَقُ المصنُوعُ عَلَى النبي فذلِكَ الموْضوعُ
الحديث الموضوع:
قوله: (والكذب المختلق المصنوع...على النبي فذلك الموضوع).


(الموضوع): هو الذي تَحَقَّقَ أَنه مكذوب، واشتقاقه من وضع الشيء أي ابتدأه، ويسمى المختلق، كأن صاحبه هو الذي اختلقه يعني افتراه، ويسمى المكذوب، فالمكذوب والمفترى والمختلق والموضوع والمصنوع معناها واحد، والوضع في الحديث قد وجد منذ زمن بعيد.
أسباب وضع الأحاديث:
والواضعون للحديث أصناف فهناك أُناس ضعافُ الدِّين وضعوا أحاديث انتصارا للمذاهب، كما روي أن رجلا حنفيا أراد أن يرفع من قدر إمامهم أبي حنيفة ويضع من قدر الشافعي محمد بن إدريس -رحمه الله- فاختلق حديثا بلفظ: يكون في أُمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أُمتي من إبليس، ويكون في أُمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أُمتي فعرف وضعه بظهور آثار الاختلاق عليه. وذكروا أن رجلا جاءه ولده يشكو المعلم الذي يعلم القرآن أنه ضربه، فقال: لأفضحنَّ المعلمين اليوم، ثم رَكَّبَ إسنادا له إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وافترى حديثا بلفظ: مُعلِّمُو صبيانكم شرارُكم أقلهم رحمةً لليتيم، وأغلظهم على المسكين أو نحوه، فاعترافه بأنه سيفضح المعلمين دل على أنه اختلق ذلك وكذب.
وقد يكون مما يدل عليه قرائن الحال، ففي مجلس من المجالس اختلفوا مرة فقال بعضهم: سمع الحسن من أبي هريرة فأنكره بعضهم، فكان بينهم واحد من الوضَّاعين فَرَكَّبَ له إسنادا وفيه: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع الحسن من أبي هريرة ) ومعروف أن الحسن ما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا تكلم في حقه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشيء، ولكن هذا دليل على الافتراء.
وقد يكون بعض من يضع الأحاديث يريد التَّقَرُّبَ بها إلى الملوك، كما ذكروا أن أحد الوضَّاعين دخل على المهدي وإذا المهدي -وهو خليفة- يلعب الحمام، يُطَيِّرُهُ من هنا، ويقع هنا، فيعجبه طيرانه من هنا ومن هنا، فيقول: إذا سبقت الحمامة الفلانية أو التي لونها كذا فَعَلَيَّ كذا، فأراد الوَضَّاعُ أن يفتري حديثا يقوِّي فعل المهدي فروى حديثا فيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا سَبَق إلا في نَصل أو خُفٍ أو حافرٍ أو جناح فكلمة جناح زادها كذبا من قِبَل نفسه، يريد بذلك الجائزة وقد أعطاه عشرة آلاف درهم، فلما خرج قال المهدي: أشهد أن قفاك قفا كذاب، ثم قال المهدي أنا الذي حملته على الكذب، ثم أمر بالحمام فذُبح فهذا كذب للتقرب إلى الملوك، ومعلوم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما قال (أو جناح).
وهناك من يكذب احتسابا كما رُوِيَ أن بعض القصاص ونحوهم يضعون على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحاديث في فضل السنة، وفي فضائل الأعمال وما أشبهها، فقيل لهم: كيف والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فقالوا: نحن ما كذبنا عليه، إنَّما كذبنا له، أي ننصر بذلك سنته، ونجلب الناس إلى شرعه، فنكذب في فضائل الأعمال؛ لأجل أن نرغب الناس فيها بأحاديث في فضل الصلاة وأحاديث في فضل الجهاد، وأحاديث في فضل الأعمال وفعل الخيرات وما أشبهها، فيُقال لهم: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد عمم في قوله: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .
وهذا آخر الكلام على هذه المنظومة:
وقد أتتْ كالجَوْهَرِ المكْنُــــــونِ سمَّيتُها منظـــُومَةَ البَيْقـُوني
فوقَ الثلاثينَ بأَربَعٍ أَتـــــــت أَبياتُها ثُمَّ بخَيرٍ خُتــــــِمَت
والله أعلم وأحكم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

line-bottom