إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
الصيام آداب وأحكام
74559 مشاهدة print word pdf
line-top
المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
أما بعد:
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ يقول ابن كثير - رحمه الله - يقول الله تعالى مخاطبا المؤمنين من هذه الأمة وآمرا لهم بالصيام؛ وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الردئية والأخلاق الرذيلة، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم فلهم فيهم أسوة حسنة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك ، ثم قال: والصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان ا هـ.
لقد جاءكم شهر كريم، أوجب الله صيامه وقيامه، فمن قصر فيه فهو من الخاسرين، ومن اجتهد في صيامه وقيامه كان من الرابحين، شهر رمضان شهر البركات ؛ أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، فيا له من شهر عظيم يجب علينا أن نستغل أيامه ولياليه، فالخاسر من يذهب عنه الشهر ولم يغفر له.
ولأهمية الصيام وعظم شأنه فقد قمت بجمع هذه الرسالة من محاضرات وفتاوى شيخنا العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ثم قمت بترتيبها والتنسيق بين موضوعاتها، ثم أضفت إليها بعض المسائل المهمة والتي أجاب عليها فضيلة الشيخ بخط يده، فجاءت رسالة شاملة مبينة لآداب الصيام وأحكامه، إضافة إلى بيان شيء من أحكام الاعتكاف وفضل العشر الأواخر من رمضان، وأحكام زكاة الفطر، وأحكام العيد ثم خاتمة في وداع الشهر الكريم.
نسأل الله أن يعيده علينا وعليكم والمسلمون في عز ونصر وتمكين، ونسأله تعالى أن يبلغنا رمضان، وأن يتقبل منّا الصيام والقيام، إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه
أبو أنس علي بن حسين أبو لوز
في: 30-5-1417هـ الموافق: 12-10-1996م
الرياض
حي الخالدية الرمز: 11497 - ص.ب:31271 .1 .

line-bottom